الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } * { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } * { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } * { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } * { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } * { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } * { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً }

{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } قال إبراهيم النخعي ومقاتل بن حيان والسدي ويمان وابن زيد: دلوكها غروبها.

قال الشاعر:
هذا مقام قدمي رياح   غدوة حتّى هلكت براح
أي غربت الشمس، وبراح إسم للشمس مثل قطام وجذام ورفاش.

ويروى، براح بكسر الباء يعني إن الناظر يضع كفه على حاجبه من شعاعها لينظر ما بقى من غبارها، ويقال ذلك للشمس إذا غاب.

قال ذو الرمة:
مصابيح ليست باللواتي يقودها   نجوم لا بالأفلات الدوالك
ودليل هذا التأويل حديث عبد الله بن مسعود إنه كان إذا غرب الشمس صلى المغرب وأفطر إن كان صائماً ويحلف بالله الذي لا إله إلاّ هو أن هذه الساعة لميقات هذه الصلاة وهي التي قال الله { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ }.

وقال ابن عمرة وابن عبّاس وجابر بن عبد الله وأبو العالية وعطاء وقتادة ومجاهد والحسن ومقاتل وجعفر بن محمّد وعبيد بن حجر: دلوكها زوالها، وبه قال الشافعي(رضي الله عنه)، يدل عليه حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتاني جبرئيل لدلوك الشمس حين زالت الشمس فصلى بي الظهر ".

وقال أبو برزة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس ثمّ تلا هذه الآية { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ }.

" قال جابر بن عبد الله: دعوت النبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء من أصحابه فطعموا عندي ثمّ خرجوا حين زالت الشمس فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " أخرج يا أبا بكر فهذا حين دلكت الشمس " ".

وعلى هذا التأويل يكون الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلها، فدلوك الشمس صلاة الظهر والعصر، وغسق الليل صلاتا العشاء، وتصديق هذا التفسير إن جبرئيل (عليه السلام) حين علم رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة إنما بدأ بصلاة الظهر.

وروى محمّد بن عمار عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " جاءني جبرئيل صلى الله عليه وسلم فصلى صلاة الظهر حين زاغت الشمس ثمّ جاءني فصلى العصر حين كان ظل كل شيء مثله، ثمّ صلى بي المغرب حين غربت الشمس ثمّ صلى بي العشاء حين غاب الشفق ثمّ جاءني فصلى بي الصبح حين طلع الفجر، ثمّ جاءني في الغد فصلى بي الظهر حين كان ظل كلّ شيء مثله ثمّ صلى بي العصر حين كان ظل كلّ شيء مثليه ثمّ صلى بي المغرب حين غربت الشمس ثمّ صلى بي العشاء حين ذهب ثلث الليل ثمّ صلى بي الصبح حين أسفر ثمّ قال: هذه صلاة النبيين من قبلك فالزمهم ".

عطاء بن أبي رياح عن جابر قال: أن جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه مواقيت الصلاة فتقدم جبرئيل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر حين زالت الشمس وآتاه حين كان الظل مثل شخصه فصنع كما صنع فتقدم جبرئيل ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8