الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } * { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } * { إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } * { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً }

{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } الآية اختلفوا في سبب نزولها.

فقال سعيد بن جبير: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود فمنعته قريش وقالوا: لاندعك حتّى تلم بآلهتنا فحدث نفسه وقال: ما عليَّ أن ألمَّ بها والله يعلم إني لها كاره بعد أن يدعونني أستلم الحجر فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية.

قتادة: ذكر لنا أن قريشاً خلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى الصباح يكلمونه ويخيرونه ويسودونه ويقارنونه وكان في قولهم أن قالوا: إنك تأتي بشيء لايأتي به أحد من الناس وأنت سيدنا فإين سيدنا فمازالوا يكلمونه حتّى كاد يقاربهم في بعض مايريدون ثمّ عصمه الله تعالى من ذلك وأنزل هذه الآية.

مجاهد: مدح آلهتهم وذكرها ففرحوا. ابن [جموح]: أتوه وقالوا له: أئت آلهتنا فأمسها فذلك قوله { شَيْئاً قَلِيلاً }.

ابن عبّاس: قدم وفد ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال.

قال: ماهن؟

فقالوا: لا ننحني في الصلاة ولا نكسر أصناماً بأيدينا [وتمتعنا باللات] سنة.

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود وأما أن لا تكسروا أصنامكم بأيديكم فذلك لكم وأما الطاعة للات فإني غير ممتعكم بها ".

فهنا قالوا لرسول الله: فإنا نحب أن تسمع العرب أنك أعطيتنا مالم تعطه غيرنا فإن كرهت ذلك وخشيت أن تقول العرب أعطيتهم مالم تعطنا فقل الله أمرني بذلك، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم ليؤمنوا، فعرف عمر (رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لما سألوه فقال: ما لكم آذيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرق الله أكبادكم إن رسول الله لا يدع الأصنام في أرض العرب إما أن تسلموا وإما أن ترجعوا فلا حاجة لنا فيكم.

فأنزل الله تعالى هذه الآية ووعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم ذلك.

عطية عنه قالت ثقيف للنبي صلى الله عليه وسلم أجّلنا سنة حتّى نقبض ما تُهدي لآلهتنا فإذا قبضنا التي تُهدى لآلهتنا كسرناها وأسلمنا، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤجلهم فأنزل الله تعالى { وَإِن كَادُواْ } وقد هموا { لَيَفْتِنُونَكَ } ليستزلونك ويصرفونك { عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ } لتختلف { عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً } لو فعلت مادعوك إليه { لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } أي قالوك وصافوك { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ } على الحق بعوننا { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ } تميل { إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } ولو فعلت ذلك { إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } المحتضر أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات يعني ضعفّنا لك العذاب في الدنيا والآخرة { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } ناصراً يمنعك من عذابنا.

السابقالتالي
2