الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } * { وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } * { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } * { ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } * { مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } * { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً }

{ إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } أي الطريقة التي [هي أسد وأعدل وأصوب] { وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً } وهو الجنة { وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } وهي النار { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ } حذفت الواو هنا في اللفظ والخط ولم يحذف في المعنى لأنها في موضع رفع وكان حذفها باستقالتها اللام الساكنة كقولهسَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } [العلق: 18]وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ } [الشورى: 24]، ويُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [النساء: 146] (وينادي المنادي)فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ } [القمر: 5] ومعنى الآية ويدع الانسان على [ماله وولده ونفسه بالسوء] وقوله عند الضجر والغضب: اللهم العنه اللهم أهلكه { دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ } أي كدعائه ربه أن يهب له العافية والنعمة ويرزقه السلامة في نفسه وماله وولده [بالشر لهلك] ولكن الله بفضله لا يستجيب له في ذلك، نظيره قوله تعالىوَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } [يونس: 11] { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } عجلاً بالدعاء على مايكره أن يستجاب له فيه.

قال مجاهد وجماعة من المفسرين، وقال ابن عبّاس: [يريد] ضجراً لا صبراً له على سراء ولا ضرّاء.

وقال قوم من المفسرين: أراد الانسان آدم.

قال سلمان الفارسي: أول ما خلق الله من آدم رأسه، فجعل ينظر وهو يخلق جسده فلما كان عند العصر بقيت رجلاه لو يبث فيها الروح، فقال: يارب عجّل قبل الليل فذلك قوله { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً }.

وروى الضحاك عن ابن عبّاس قال: لما خلق الله رأس آدم نظر إلى جسده فأعجبه، فذهب لينهض فلم يقدر، فهو قول الله { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } [وقيل: المراد آدم فإنه لما اهتدى للصح إلى سترته ذهب لينهض فسقط، يروى أنه علم وقع أسيراً إلى سودة بنت زمعة فرحمته لأنينه فأرخت من كتافه فهرب فدعا النبي عليها بقطع اليد ثم ندم فقال: اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي رحمة له فنزلت هذه الآية]

{ وَجَعَلْنَا ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ } دلالتين وعلامتين على وحدانيتنا ووجودنا وكمال علمنا وقدرتنا وعدد السنين والحساب { فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيْلِ } قال أبو الطفيل: سأل ابن الكواء علياً (رضي الله عنه) فقال: ما هذا السواد في القمر؟ فقال علي: { فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيْلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً } وهو المحو.

وقال ابن عباس: الله نور الشمس سبعين جزءاً ونور القمر سبعين جزءاً فمحا من نور القمر تسعة وستين جزءاً فجعله مع نور الشمس فالشمس على مائة وتسعة وثلاثين جزءاً والقمر على جزء واحد.

{ وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ } وهي الشمس { مُبْصِرَةً } [منيرة مضيئة].

وقال أبو عمرو بن العلا: يعني بصرها.

قال الكسائي: هو من قول العرب أبصر النهار إذا أضاء وصار بحالة يبصرها.

وقال بعضهم: هو كقولهم: [رجل خبيث مخبث إذا كان أصحابه خبثاء ورجل مضعف إذا كانت دوابه ضعافاً فكذلك النهار مبصراً إذا كان أهله بصراء].

السابقالتالي
2 3