الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } * { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } يعني رسولها { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } في الاعتذار { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } يسترضون، يعني لا يكلّفون أن يرضوا ربهم لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يتركون للرجوع إلى دار الدنيا [فيتوبون] { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } كفروا { ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } يؤخّرون { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } يوم القيامة { شُرَكَآءَهُمْ } أوثانهم { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } أرباباً ونعبدهم { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } أي قالوا لهم، يقال: ألقيت إليك كذا، يعني: قلت لك { إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } في تسميتنا آلهة ما دعوناكم إلى عبادتنا ولا علمنا بعبادتكم إيانا { وَأَلْقَوْاْ } يعني المشركين { إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } استسلموا وانقادوا لحكمه فيهم ولم تغن عنهم آلهتهم شيئاً { وَضَلَّ } زال [........] { عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من إنها تشفع لهم.

{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ }.

روى عبد الله بن مرة عن مسروق قال: قال عبد الله: { زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } ، قال: عقارب لها أنياب أمثال النخل الطوال، ابن عبّاس ومقاتل: يعني خمسة أنهار من صفر مذاب كالنار يسيل من تحت العرش، يعذبون بها ثلث على مقدار الليل وثلثان على مقدار النهار.

سعيد بن جبير: حيّات أمثال البخت وعقارب أمثال البغال تلسع إحداهن اللسعة يجد صاحبها حمّتها أربعين خريفاً.

وقيل: إنهم يخرجون من حر النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة الزمهرير إلى النار.

ويقال: هو أنهم يحملون أثقال أتباعهم. كما قال الله تعالىوَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [العنكبوت: 13].

ويقال: إنه يضاعف لهم العذاب.

{ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } في الدنيا من الكفر وصد الناس عن الإيمان { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } يعني عليها، وإنما قال: { مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } لأنه كان يبعث إلى الأُمم أنبياءها منها { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمّد { شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } الذين بُعثت إليهم { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } يحتاج إليه من الأمر والنهي، والحلال والحرام، والحدود والأحكام { وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } ، { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } يعني بالإنصاف { وَٱلإحْسَانِ } إلى الناس، الوالبي عن ابن عبّاس: العدل: التوحيد، والإحسان أداء الفرائض.

[وقيل: ] العدل: شهادة أن لا إله إلاّ الله، والاحسان: الاخلاص فيه.

عطاء عنه: العدل: مصطلح الأنداد، والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، مقاتل: العدل: التوحيد، والإحسان: العفو عن الناس، وقيل: العدل في الأفعال والإحسان في الأقوال. كقوله:وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً } [البقرة: 83].

{ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } صلة الرحم { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } القبيح من الأقوال والأفعال.

وقال ابن عبّاس: الزنا.

{ وَٱلْمُنْكَرِ } ما لا يُعرف في شريعة ولا سنّة { وَٱلْبَغْيِ } الفسق والظلم.

وقال ابن عيينة: [والعدل في مستوى] السر والعلانية.

السابقالتالي
2 3