{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } يعني رسولها { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } في الاعتذار { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } يسترضون، يعني لا يكلّفون أن يرضوا ربهم لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يتركون للرجوع إلى دار الدنيا [فيتوبون] { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } كفروا { ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } يؤخّرون { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } يوم القيامة { شُرَكَآءَهُمْ } أوثانهم { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } أرباباً ونعبدهم { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } أي قالوا لهم، يقال: ألقيت إليك كذا، يعني: قلت لك { إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } في تسميتنا آلهة ما دعوناكم إلى عبادتنا ولا علمنا بعبادتكم إيانا { وَأَلْقَوْاْ } يعني المشركين { إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } استسلموا وانقادوا لحكمه فيهم ولم تغن عنهم آلهتهم شيئاً { وَضَلَّ } زال [........] { عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من إنها تشفع لهم. { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ }. روى عبد الله بن مرة عن مسروق قال: قال عبد الله: { زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } ، قال: عقارب لها أنياب أمثال النخل الطوال، ابن عبّاس ومقاتل: يعني خمسة أنهار من صفر مذاب كالنار يسيل من تحت العرش، يعذبون بها ثلث على مقدار الليل وثلثان على مقدار النهار. سعيد بن جبير: حيّات أمثال البخت وعقارب أمثال البغال تلسع إحداهن اللسعة يجد صاحبها حمّتها أربعين خريفاً. وقيل: إنهم يخرجون من حر النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة الزمهرير إلى النار. ويقال: هو أنهم يحملون أثقال أتباعهم. كما قال الله تعالى{ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [العنكبوت: 13]. ويقال: إنه يضاعف لهم العذاب. { بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } في الدنيا من الكفر وصد الناس عن الإيمان { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } يعني عليها، وإنما قال: { مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } لأنه كان يبعث إلى الأُمم أنبياءها منها { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمّد { شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } الذين بُعثت إليهم { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } يحتاج إليه من الأمر والنهي، والحلال والحرام، والحدود والأحكام { وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } ، { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } يعني بالإنصاف { وَٱلإحْسَانِ } إلى الناس، الوالبي عن ابن عبّاس: العدل: التوحيد، والإحسان أداء الفرائض. [وقيل: ] العدل: شهادة أن لا إله إلاّ الله، والاحسان: الاخلاص فيه. عطاء عنه: العدل: مصطلح الأنداد، والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، مقاتل: العدل: التوحيد، والإحسان: العفو عن الناس، وقيل: العدل في الأفعال والإحسان في الأقوال. كقوله:{ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً } [البقرة: 83]. { وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } صلة الرحم { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } القبيح من الأقوال والأفعال. وقال ابن عبّاس: الزنا. { وَٱلْمُنْكَرِ } ما لا يُعرف في شريعة ولا سنّة { وَٱلْبَغْيِ } الفسق والظلم. وقال ابن عيينة: [والعدل في مستوى] السر والعلانية.