الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } * { تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ } فيعاجلهم بالعقوبة على كفرهم وعصيانهم { مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا } أي على ظهر الأرض كناية عن غير مذكور { مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ } يمهلهم عليه { إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ } منتهى آجالهم ساعة وانقضاء أعمارهم { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } ولا يقال موت قبله { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } لأنفسهم، يعني البنات { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ } محل (ان) نصب بدل عن الكذب لأنه بيان وترجمة له.

وقرأ ابن عبّاس: والحسنى (الكذب) برفع الكاف والذال والباء على نعت الألسنة، والكذب: جمع كذوب، مثل رسول ورسل وصبور وصبر وشكور وشكر.

{ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ } يعني اليقين ومعنى الآية: ويجعلون له البنات ويزعمون أن لهم البنين.

وقال حيان: يعني بالحسنى الجنة في المعاد إن كان محمّد صادقاً في البعث.

{ لاَ جَرَمَ } حقاً، وقال ابن عبّاس: بلى.

{ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ } في الآخرة { وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } منسيون في النار.

قال ابن عبّاس وسعيد بن جبير: مبعدون.

مقاتل: متروكون.

قتادة: معجلون إلى النار.

الفراء: مقدمون على النار.

وقرأ نافع: (مفرطون) بكسر الراء مع التخفيف أي مسرفون، وقرأ أبو جعفر: بكسر الراء مع التشديد أي مضيّعون أمر الله تعالى.

{ تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ } كما أرسلناك إلى هذه الأُمة { فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } الخبيثة التي كانوا عليها مقيمين { فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ } ناصرهم ومعينهم وقرينهم ومتولي أمورهم { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة.

{ وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } من الدين والأحكام { وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } عطف الهدى والرحمة على موضع قوله (لتبين) لأن محله نصب ومجاز الكلام: وما أنزلنا عليك الكتاب إلاّ بيانا للناس وهدى ورحمة.