الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } * { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { إِنَّمَا يَفْتَرِي ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } * { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ } يعني وإذا نسخنا حكم آية فأبدلنا مكانه حكماً آخر، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ } فيما يغيّر ويبدل أعلم بما هو أصلح لخلقه فيما عدّل من أحكامه { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ } يا محمّد { مُفْتَرٍ } وذلك أن المشركين قالوا: إن محمداً يسجد بأصحابه يأمرهم اليوم ويأمّرهم غداً ويأتيهم بما هو أهون عليهم، وما هو إلا مفتر يتقوله من تلقاء نفسه.

قال الله: { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } حقيقة القرآن وبيان الناسخ والمنسوخ من الأحكام { قُلْ نَزَّلَهُ } يعني القرآن { رُوحُ ٱلْقُدُسِ } جبرئيل { مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } تثبيتاً للمؤمنين وتقوية لإيمانهم [......] تصديقاً ويقيناً { وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } آدمي وما هو من عند الله، واختلف العلماء في هذا البشر من هو:

قال ابن عبّاس: كان قيناً بمكة اسمه بلعام وكان نصرانياً يسمى اللسان وكان المشركون يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليه ويخرج منه فقالوا: إنما يعلمه بلعام، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال عكرمة وقتادة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرّي غلاماً لبني المغيرة يقال له يعيش وكان يقرأ الكتب، [فقالوا]: إنما يعلمه يعيش فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال الفراء: قال المشركون إنما يتعلّم محمّد عن مملوك كان لحويطب بن عبد العزى وكان قد أسلم فحسن إسلامه وكان أعجمي فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال ابن إسحاق: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني كثيراً ما يجلس عند المروة إلى غلام رومي نصراني، يقال له: خير، عبد لبعض بني الحضرمي وكان يقرأ الكتب.

وقال المشركون: والله ما يعلم محمداً كثيراً ما يأتي به إلاّ خير النصراني، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال طلحة بن عمر: بلغني أن خديجة رضي الله عنها كانت تختلف إلى خير فكانت قريش تقول: إن عبد بني الحضرمي يعلّم خديجة وخديجة، تعلّم محمّداً فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قال عبيد الله بن مسلم الحضرمي: كان لنا عبدان من أهل [عين التمر] يقال لأحدهما يسار وللآخر خير، وكانا يصنعان السيوف بمكة وكانا يقرآن بالتوراة والإنجيل، فربما مرَّ بهما النبي صلى الله عليه وسلم وهما يقرآن فيقف فيسمع.

وقال الضحاك: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا آذاه الكفار يقصد إليهما فيستروح بكلامهما، فقال المشركون: إنما يتعلم محمّد منهما، فنزلت هذه الآية.

وقال السدي: كان بمكة رجل نصراني يقال له ابن يسرة يتكلّم بالرومي، فربما يقعد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الكفار: إنما يتعلم محمّد منه، فنزلت هذه الآية.

وروى علي بن الحكم وعبيد بن سليمان عن الضحاك: { لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ } قال: كانوا يقولون: إنما يعلمه سلمان الفارسي، وهذا قول غير مرضي؛ لأن سلمان إنما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهذه الآية مكية.

السابقالتالي
2 3 4