{ وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ } يعني الملائكة الذين أرسلهم الله ليبشروا إبراهيم بالولد ويهلكوا قوم لوط { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ } جمع الخبر لأن الضيف اسم يصلح للواحد والإثنين والجمع والمؤنث والمذكر { فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ } إبراهيم { إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ } [خائفون] { قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ } لا تخف { إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ } يعني إسحاق، فعجب إبراهيم من كبره وكبر إمراته { قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ } أي على الكبر { فَبِمَ تُبَشِّرُونَ } فأي شيء تبشرون. واختلف القراء في هذا القول، فقرأ أهل المدينة والشام بكسر النون والتشديد على معنى تبشرونني، فأدغمت نون الجمع في نون الإضافة. وقرأ بعضهم: بالتخفيف على الخفض. وقرأ الباقون: في النون من غير إضافة. { قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ ٱلْقَانِطِينَ }. قرأه العامّة: بالألف. وقرأ يحيى بن وثاب: القانطين. { قَالَ وَمَن يَقْنَطُ }. قرأ الأعمش وأبو عمرو والكسائي بكسر النون، وقرأ الباقون: بفتحه [وقال الزجاج]: قنط يقنط، وقنط يقنط إذا يئس من رحمة الله. { مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ * قَالَ } لهم إبراهيم { فَمَا خَطْبُكُمْ } شأنكم وأمركم { أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } { قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } مشركين { إِلاَّ آلَ لُوطٍ } أتباعه وأهل دينه { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ }. قرأ أهل الحجاز وعاصم وأبو عمرو: [لمنجّوهم] بالتشديد، وإختاره أبو عبيد وأبو حاتم، وخففه الآخرون. { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ } سوى إمرأة لوط { قَدَّرْنَآ } قضينا { إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ } الباقين في العذاب، وخفف إبن كثير قدرنا. قال أبو عبيد: استثنى آل لوط من القوم المجرمين، ثمّ إستثنى إمراته من آل لوط فرجعت إمرأته في التأويل إلى القوم المجرمين، لأنه استثناء مردود على استثناء، وهذا كما تقول في الكلام: لي عليك عشرة دراهم إلاّ أربعة إلاّ درهماً، فلك عليه سبعة دراهم؛ لأنك لما قلّت: إلاّ أربعة، كان لك عليه ستة، فلما قلت: إلاّ درهماً كان هذا استثناء من الأربعة فعاد إلى الستة فصار سابعاً. { فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ } لوط لهم { إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } يعني لا أعرفكم { قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } يعني يشكّون إنه ينزل بهم وهو العذاب { وَأَتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ } وجئناك باليقين، وقيل: بالعذاب { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } في قولنا { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيْلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُم } أي كن ورائهم وسر خلفهم { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ }. قال ابن عبّاس: يعني الشام. وقال خليل: يعني مصدر. { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ } يعني وفرغنا إلى لوط من ذلك الأمر، وأخبرناه { أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ }. يدل عليه قراءة عبد الله: وقلنا له إن دابر هؤلاء، يعني أصلهم، { مَقْطُوعٌ } مستأصل { مُّصْبِحِينَ } في وقت الصبح إذ دخلوا فيه { وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ } يعني سدوم { يَسْتَبْشِرُونَ } بأضياف لوط طمعاً منهم في ركوب الفاحشة { قَالَ } لوط لقومه { إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي } وحق على الرجل بإكرام ضيفه { فَلاَ تَفْضَحُونِ } فيهم { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ } فلا تهينون ولا تخجلون، يجوز أن يكون من الخزي، ويحتمل أن يكون الخزاية { قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } أولم ننهك أن تضيّف أحداً من العالمين.