الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } * { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } * { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } * { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ }

{ وَإِن تَعْجَبْ } يا محمد من تكذيب هؤلاء المشركين واتخاذهم ما لا يضر ولا ينفع آلهةً يعبدونها من دون الله، وهم قراؤ تعبدون من الله وامره وما ضرب الله من الأمثال { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } فتعجب أيضاً من قيلهم { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً } بعد الموت { أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } فيعاد خلقنا جديداً كما كنا قبل الوجود.

قال الله: { أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ } ْ يوم القيامة { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } جهنم { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } يعني مشركي مكة { بِٱلسَّيِّئَةِ } بالبلاء والعقوبة { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } الرخاء والعافية، وذلك أنّهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جاءهم العذاب فاستهزأ منهم بذلك.

وقالوا:ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الأنفال: 32] الآية { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ } وقد مضت من قبلهم في الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها، العقوبات المنكلات واحدتها: مَثُلة بفتح الميم وضم التاء مثل صدُقة وصدُقات.

وتميم: بضم التاء والميم جميعاً، وواحدتها على لغتهم مُثْلَة بضم الميم وجزم الثاء مثل عُرُفة وعُرْفات والفعل منه مثلت به أمثل مثلا بفتح الميم وسكون الثاء.

{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }.

أحمد بن منبه عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: ولما نزلت هذه الآية { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتّكل كل أحد ".

{ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ } يعني على محمد صلى الله عليه وسلم { آيَةٌ } علامة وحجة على نبوته، قال الله: { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } مخوف { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } داع يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ إمام يأتمون به.

وقال الكلبي: داع يدعوهم إلى الضلالة أو إلى الحق.

أبو العالية: قائد، أبو صالح قتادة مجاهد: نبي يدعوهم إلى الله.

سعيد بن جبير: يعني بالهادي الله عزّ وجلّ.

وهي رواية العوفي، عن ابن عباس قال: المنذر محمد، والهادي الله.

عكرمة وأبو الضحى: الهادي محمد ( صلى الله عليه وسلم ).

وروى السدي عن عبدالله بن علي قوله تعالى: { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " المنذر أنا، الهادي رجل من بني هاشم يعني نفسه ".

وروى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: " " أنا المنذر " وأومأ بيده إلى منكب علي (رضي الله عنه) فقال: " فأنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي " ".


السابقالتالي
2 3