الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } * { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ } * { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } * { قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } * { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } * { قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } * { قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } * { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

يقول الله تعالى: { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ } أي في خبره وخبر إخوته { وَإِخْوَتِهِ } وأسماؤهم روبيل وهو أكبرهم، وشمعون، ولاوي،ويهودا، وزيالون، وأمنجر، وأُمهم ليا بنت ايان وهي ابنة خال يعقوب، وولد له من سريّتين له اسم احداهما زاد الأُخرى ملده، أربعة نفر، دان ونفتالي وجاد وآشر، ثم توفيت ليا فتزوج يعقوب أختها راحيل، فولدت له يوسف وبنيامين، وكان بنو يعقوب اثني عشر رجلا.

{ آيَاتٌ } قرأ أهل مكة آية على الواحد، أي عظة وعبرة، وقيل: عجب، يقال: فلان آية في الحسن والعلم أي عجب، وقرأ الباقون: آيات على الجمع { لِّلسَّائِلِينَ } وذلك أن اليهود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف فأخبرهم بها كما في التوراة فعجبوا منه وقالوا: من أين لك هذا يا محمد؟ قال: «علّمنيه ربي» وقيل: معناه للسائلين ولمن لم يسأل، كقوله: { سَوَآءً لِّلسَّآلِينَ }.

{ إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ } اللام فيه جواب القسم تقديره: تالله ليوسف وأخوه بنيامين { أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } أي جماعة والعصبة ما بين الواحد إلى العشرة، وقيل: إلى الخمسة عشر، وقيل: ما بين العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها كالنفر والرهط { إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } خطأ بيّن في إيثاره يوسف وأخاه علينا.

{ ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ } اختلفوا في تأويل هذا القول، فقال وهب: قاله شمعون، كعب: دان، مقاتل: روبيل { أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً } أي في أرض { يَخْلُ لَكُمْ } يخلص ويصفو لكم.

{ وَجْهُ أَبِيكُمْ } عن شغله بيوسف فإنه قد شغله عنّا وصرف وجهه إليه عنّا { وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ } من بعد قتل يوسف { قَوْماً صَالِحِينَ } تائبين، وقال مقاتل: يصلح أمركم فيما بينكم وبين أبيكم.

{ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ } وهو روبيل، وقال السدي: هو يهودا، وهو أعظمهم وكان ابن خالة يوسف، وكان أحسنهم فيدايا نهاهم عن قتله وقال لهم: { لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ } فإن قتله عظيم.

{ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ } أي في قعر الجب وظلمته حيث يغيب خبره، قتادة: في أسفله، والغيابة: كل شيء غَيَّبَ شيئاً، وأصلها من الغيبوبة، وقرأ أهل المدينة: غيابات الجب، على الجمع، والباقون: غيابة، على الواحد، والجبّ: البئر غير المطويّة، قتادة: هو بئر بيت المقدس، وقال وهب: هو بأرض الأردن، كعب: بين مدين ومصر، مقاتل: على ثلاث فراسخ من منزل يعقوب.

{ يَلْتَقِطْهُ } بعض السيارة يأخذه، قراءة العامة بالياء لأنه البعض وقرأ الحسن: تلتقطه بالتاء لأجل السيارة، والعرب تفعل ذلك في كل خبر كان عن مضاف إلى مؤنث يكون الخبر عن بعضه خبراً عن جميعه، كقول الشاعر:
أرى مرّ السنين أخذن مني   كما أخذ السرار من الهلال
ولم يقل أخذت وقال الآخر:
إذا مات منهم سيد قام سيد   فدانت له أهل القرى والكنائس
{ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } بعض مارّي الطريق من المسافرين فيذهب به إلى ناحية أخرى فينستر خبره { إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } ما أقول لكم.

السابقالتالي
2 3 4