{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ } والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ } وما كنت يا محمّد عند أولاد يعقوب { إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ } أي تعاهدوا على إلقاء يوسف في غيابة الجُب، { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } بيوسف، { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ } على إيمانهم { بِمُؤْمِنِينَ * وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ } أي على تبليغ الرسالة والدعاء إلى الله { مِنْ أَجْرٍ }: جعل وجزاء { إِنْ هُوَ } يعني القرآن والوحي { إِلاَّ ذِكْرٌ }: عِظة وتذكير { لِّلْعَالَمِينَ * وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ } وكم قول فيه عِظة وعبرة ودلالة { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } لا يتفكّرون فيها ولا يعتبرون بها. الحرث بن قدّامة عن عكرمة أنّه قرأ: والأرضُ يمرون عليها رفعاً، عن محمّد بن عمر قال: سمعت عمرو بن وائل يقرأ: { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } قطعاً، { وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } رفعاً، أبو حمزة الثمالي عن السدي: أنّه قرأ والأرضَ يمرون عليها نصباً، وقرأ: يمرون على الأرض، وعن ابن مجاهد قال: حدّثنا إسحاق الحربي أبو حذيفة، حدّثنا سفيان قال: وقرأ عبدالله: (وكأيّن من آية في السماوات والأض يمشون عليها). { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } عكرمة في قول الله تعالى: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } قال: من إيمانهم إذا سُئِلوا: من خلق السماوات والأرض؟ قالوا: الله، وإذا سُئِلوا مَن نزّل القطر؟ قالوا: الله، ثمّ هُم يُشركون، وروى جابر عن عكرمة وعامر، في قوله تعالى: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } قالا: يؤمنون بالله أنّه ربّهم وهو خالقهم ويشركون مَن دونه، وهذا قول أكثر المفسّرين. وروى بن جبير عن الضحّاك عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في تلبية مشركي العرب وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيّك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك، تملكه وما ملك، وكان فيها يخزونك من تلبي: فأجب يا الله لولا أن بكراً دونك بني غطفان وهم يلونك، ينزل الناس ويخزونك، ما زال منا غنجاً يأتونك، وكانت تلبية حرمهم: خرجنا عبادك الناس طرف وهم تلادك، وهم قديماً عمّروا بلادك، وقد تعادوا فيك من يعادك، وكانت تلبية قريش: (اللهمّ لبيّك، لا شريك لك إلاّ شريكاً هو لك تملكه وما ملك)، وكانت تلبية حمدان وغسان وقضاعة وجذام وتلقين وبهرا: نحن عبادك اليماني إنّا نحجّ ثاني [على الطريق الناجي نحن نعادي] جئنا إليك حادي. فأنزل الله { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } يعني في التلبية. وقال: لمّا سمع المشركون ما قبل هذه الآية من الآيات قالوا: فإنّا نؤمن بالله الذي خلق هذه الأشياء ولكنّا نزعم أنّ له شريكاً، فأنزل الله تعالى هذه الآية. عطاء: هذا في الدعاء وذلك أنّ الكفّار أشركوا بربّهم في الرخاء، فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء، بيانه قوله تعالى: