الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } * { قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } يعني البيّن حلاله وحرامه وحدوده وأحكامه وهداه وبركته، قال معاذ بن جبل: بيّن فيه الحروف التي سقطت من ألسن الأعاجم وهي ستة أحرف.

{ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ } يعني الكتاب { قُرْآناً عَرَبِيّاً } بلغتكم يا معشر العرب { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } لكي تعلموا معانيه وتقيموا ما فيه { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ } أي نقرأ، وأصل القصص تتبع الشيء، ومنه قوله تعالىوَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ } [القصص: 11] فالقاص يتتبع الآثار ويخبر بها.

{ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } يعني قصة يوسف { بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } و { ما } المصدر أي بإيحائنا إليك هذا القرآن { وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ } من قبل وحينا { لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } قال سعد بن أبي وقاص: أُنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زماناً، وكأنهم ملّوا فقالوا: لو قصصت علينا، فأنزل الله تعالى { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } الآية، فقالوا: يا رسول الله لو ذكرتنا وحدثتنا فأنزل الله تعالىأَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ } [الحديد: 16]الآية، فقال الله تعالى على هذه الآية: أحسن القصص.

واختلف الحكماء فيها لم سميت أحسن القصص من بين الأقاصيص؟ فقيل: سماها أحسن القصص لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر والحكم والنكت ما تتضمن هذه القصة، وقيل: سمّاها أحسن لامتداد الأوقات فيما بين مبتداها إلى منتهاها، قال ابن عباس: كان بين رؤيا يوسف ومصير أبيه وأخوته إليه أربعون سنة، وعليه أكثر المفسرين، وقال الحسن البصري: كان بينهما ثمانون سنة.

وقيل: سماها أحسن القصص لحسن مجاورة يوسف إخوته، وصبره على أذاهم،وإغضائه عند الإلتقاء بهم عن ذكر ما تعاطوه، وكرمه في العفو عنهم وقيل: لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين والأنس والجن والأنعام والطير، وسير الملوك والمماليك، والتجار والعلماء والجهال، والرجال والنساء،وحيلهن ومكرهن، وفيها أيضاً ذكر التوحيد والعفة والسير وتعبير الرؤيا السياسة وتدبير المعاش، وجعلت أحسن القصص لما فيها من المعاني الجزيلة والفوائد الجليلة التي تصلح للدين والدنيا، وقيل: لأن فيها ذكر الحبيب المحبوب. وقيل: أحسن القصص هاهنا بمعنى أعجب.

{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ } قراءة العامة يوسف بضم السين، وقرأ طلحة بن مصرف بكسر السين، واختلفوا فيه فقال أكثرهم: هو اسم عبريّ فلذلك لا يجري، وقال بعضهم: هو اسم عربي.

سمعت أبا القاسم الحبيبي، قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا الحسن الأقطع، وكان حكيماً، وسئل عن يوسف، فقال: الأسف: الحزن، والأسيف: العبد واجتمعا في يوسف فلذلك سمي يوسف.

{ لأَبِيهِ } يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (عليهم السلام). روى أبو سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (عليهم السلام) ".


السابقالتالي
2