{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } قال ابن عباس: هو سجن في جهنم، وحدّثنا يعقوب عن هشيم قال: أخبرنا العوام عن عبد الجبار الخولاني قال: قدم رجل من أصحاب النبي عليه السلام الشام فنظر الى دور أهل الذمة وما فيها من العيش والنضارة، وما وسع عليهم في دنياهم فقال: لا أُبالي، أليس من ورائهم الفلق؟ قال: قيل: وما الفلق؟ قال: بيت إذا انفتح صاح جميع أهل النار من شدَّة حرَّه. وقال أبو عبد الرحمن الحبلي: الفلق هي جهنم، وقال جابر بن عبد الله والحسن وسعيد ابن جبير ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد: الفلق: الصبح، وإليه ذهب ابن عباس، ودليل هذا التأويل قوله تعالى:{ فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } [الأنعام: 96]. الضحّاك والوالبي عن ابن عباس: معنى الفلق: الخلق. وهب: هو باب في جهنم. الكلبي: هو واد في جهنم، وقال عبد الله بن عمرو: شجرة في النار، وقيل: الفلق الجبال والصخور تنفلق بالمياه أي تتشقق، وقيل: هو الرحم تنفلق عن الحيوان، وقيل: الحبَّ والنوى تنفلق عن التراب، دليله قوله سبحانه وتعالى:{ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ } [الأنعام: 95] والأصل فيه الشق. وقال محمد بن علي الترمذي في هذه: كشف الله تعالى على قلوب خواص عباده فقذف النور فيها، فانفلق الحجاب وانكشف الغطاء. { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ }. أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا أبو برزة أو أحد بني شريك البزار قال: حدّثنا آدم بن أبي أياس قال: حدّثنا ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن " عن عائشة قالت: أخذ رسول الله عليه السلام بيدي فأشار الى القمر فقال: " يا عائشة استعيذي بالله من شرِّ هذا؛ فإنّ هذا الغاسق إذا وقب ". وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا عبد الرحمن بن خرزاد البصري بمكة قال: حدّثنا نصر بن علي قال: حدّثنا بكار بن عبد الله قال: حدّثنا ابن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة " عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه وتعالى: { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } قال: النجم إذا طلع ". وقال ابن عباس والحسن ومجاهد والقرظي والفرّاء وأبو عبيدة وابن قتيبة والزجّاج: الليل. قال ابن زيد: يعني والثريا إذ سقطت، قال: وكانت الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها، وأصل الغسق الظلمة والوقوف [....] إذا دخل وقال: أمان سكن نظلامه. وقيل: سُمّي الليل غاسقاً لأنه أبرد من النهار، والغاسق: البارد، والغسق: البرد. { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ } يعني الساحرات اللائي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها، والنفث: وشبه النفخ كما يعمل من يرقي. قال عنترة:
فإن يبرأ فلم أنفث عليه
وإنَّ يفقد محقّ له العقود
وقرأ عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن سابط: من شرِّ النافثات في وزن: فاعلات. { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } قال الحسين بن الفضل: إنَّ الله جمع الشرور في هذه الآية وختمها بالحسد ليعلم أنه أخسّ الطبائع.