الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ } * { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } * { يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } * { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } * { وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } * { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } * { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } * { قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }

{ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ } الخوف { وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ } بإسحاق ويعقوب { يُجَادِلُنَا } في [.......] لأنّ إبراهيم لا يجادل ربّه إنّما يسأله ويطلب إليه.

وقال عامّة أهل التفسير معناه يجادل رسلنا وذلك أنهم لما قالوا: إنا مهلكوا أهل هذه القرية، قال لهم: أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا لا، فقال إبراهيم: وأربعون؟ قالوا: لا، قال: أو ثلاثون؟ قالوا: لا، قال: حتى بلغ عشرة، قالوا: لا، فقال: خمسة قالوا: لا، قال: أرأيتم إن كان فيها رجل مسلم أتهلكونه؟ قالوا: لا، فقال إبراهيم عند ذلك: إن فيها لوطاً، فقالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجّينه وأهله إلاّ امرأته كانت من الغابرين.

قال ابن جريج: وكان في قرى لوط أربعة آلاف ألف، قال قتادة: في هذه الآية لا يرى مؤمن إلاّ لوط المؤمن، فقالت الرسل عند ذلك لإبراهيم: { يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ } أي دع عنك الجدال، وأعرض عن هذا المقال { إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبَّكَ } عذاب ربك { وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ } نازل بهم، يعني قوم لوط { عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } غير مدفوع ولا ممنوع.

{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا } يعني الملائكة { لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ } حزن لمجيئهم، يقال: سؤته فسيء مثل شغلته فانشغل، وسررته فانسر { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } قلباً { وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } شديد، ومنه عصبصب، كالعصب به الشر والبلاء أي شدّ ومنه عصابة الرأس، قال عدي بن زيد:
وكنت لزاز خصمك لم أعرد   وقد سلكوك في يوم عصيب
وقال آخر:
وانك إلاّ تُرض بكر بن وائل   يكن لك يوم بالعراق عصيب
وقال الراجز:
يوم عصيب يعصب الأبطالا   عصب القوي السلم الطوالا
وذلك أن لوطاً (عليه السلام) لم يكن يعلم أنهم رسل الله في تلك الحال، وعلم من قومه ما هم عليه من إتيان الفواحش فخاف عليهم،وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن أضيافه

قال قتادة والسدّي: خرجت الملائكة من عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام نحو قرية لوط فأتوا لوطاً وهو في أرض يعمل فيها، وقد قال الله تعالى لهم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوطاً أربع شهادات، واستضافوه فانطلق معهم، فلمّا خشي عليهم، قال لهم: ما بلغكم، أمر هذه القرية؟ قالوا: وما أمرهم؟ قال: أشهد بالله إنها لشرّ قرية في الأرض عملا يقول، ذلك أربع مرات، فدخلوا معه منزله، ولم يعلم بذلك أحد إلاّ أهل بيت لوط، فخرجت امرأته فأخبرت قومها، وقالت: إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط.

{ وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } قال ابن عباس وقتادة والسدّي: يُسرعون، ومجاهد: يهرولون، الضحاك: يسعون، ابن عيينة: كأنهم يُدفعون، شمر بن عطية: مشي بين الهرولة والجمزى، الحسن: مشي بين مشيتين، قال أهل اللغة: يقال: أهرع الرجل من برد وغضب أو أهرع إذا أرعد فهو مُهرع إذا كان معجلا مسرعاً، قال مُهلهل:

السابقالتالي
2 3 4