{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ } يعني وأرسلنا إلى قوم مدين بن إبراهيم، { أَخَاهُمْ شُعَيْباً } بن شرون بن أيوب بن مدين بن إبراهيم. { قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } وكانوا يطفِّفون { إِنِّيۤ أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ } قال ابن عباس (رضي الله عنه): موسرين في نعمة، الحسن: الغنى ورخص السعر، قتادة: المال وزينة الدنيا، الضحاك: رغد العيش وكثرة المال، مجاهد: خصب وسعة، وغيرهم في غلاء السعر وزوال النعمة وحلول النقمة إن لم يتوبوا { وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ } محيط بكم فلا يفلت منكم أحد. { وَيٰقَوْمِ أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } اكتالوا بالقسط { وَلاَ تَبْخَسُواْ } ولا تنقصوا { ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّةُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } قال ابن عباس: ما أبقى الله لكم من الحلال، وإيفاء الكيل والوزن خير من البخس والتطفيف، قال مجاهد: الطاعة، سفيان: رزق الله، قتادة: حظكم من ربكم، ابن زيد: الهلاك في العذاب والبقية: الرحمة، الفرّاء: مراقبة الله { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } وإنما قال هذا لأن شعيباً لم يؤمر بالقتال. { قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ } من الأوثان، قال ابن عباس: كان شعيب كثير الصلاة لذلك قالوا هذا، قال الأعمش: يعني قراءتك { أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ } يعني أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء، وقرأ بعضهم: تفعل وتشاء بالتاء يعني: تأمرك أن تفعل في أموالنا ما تشاء فيكون راجعاً إلى الأمر لا إلى الترك. قال أهل التفسير: كان هذا نهياً لهم عنه وعذبوا لأجله قطع الدنانير والدراهم. فلذلك قالوا: وأن نفعل ما نشاء { إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } قال ابن عباس: السفية الغاوي. قال القاضي: والعرب تصف الشيء بضده، للتطير والفأل كما قيل للدّيغ: سليم، وللفأرة: مفازة. وقيل: هو على الاستهزاء، كقولهم للحبشي: أبو البيضاء، وللأبيض: أبو الجون، ومنه قول خزنة النار لأبي جهل:{ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49]. وقيل: معناه الحليم الرشيد بزعمك وعندكن ومثله في صفة أبي جهل، وقال ابن كيسان: هو على الصحة أي أنّك يا شعيب لنا حليم رشيد، فليس يجمل بك شق عصا قومك ولا مخالفة دينهم، كقول قوم صالح له: { يٰصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً }. { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ } حجّة وبصيرة وبيان وبرهان { مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً } حلالا طيباً من غير بخس ولا تطفيف، وقيل: علماً ومعرفة { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } ما أريد أن أنهاكم عن أمر وأرتكبه { إِنْ أُرِيدُ } ما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه { إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أي أرجع فيما ينزل بي من النوائب، وقيل: إليه أرجع في الآخرة.