{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع: لكفور جحود لنِعم اللّه تعالى. قال الكلبي: هو بلسان كندة وحضرموت، وبلسان معد كلهم: العاصي، وبلسان مضر وربيعة وقضاعة: الكفور، وبلسان بني مالك البخيل. وروى شعبة عن سماك أنه قال: إنما سميت كندة؛ لأنها قطعت أباها. وقال ابن سيرين: هو اللوّام لربه. وقال الحسن: هو الذي يعدّ المصائب وينسى النعم، أخذه الشاعر فقال:
يا أيها الظالمُ في فعله
والظلم مردودٌ على من ظَلَمْ
إلى متى أنت وحتى متى
تشكو المصيبات وتنسى النِّعم
وأخبرنا أبو القمر بن حبيب في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعد الرازي قال: حدّثنا العباس بن حمزة قال: حدّثنا أحمد بن محمد قال: حدّثنا صالح بن محمد قال: حدّثنا سلمة عن جعفر بن الزبير عن القميّ عن أبي أمامة عن رسول اللّه (عليه السلام) في هذه الآية: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } قال رسول اللّه (عليه السلام): " أتدرون ما الكنود؟ " ، فقالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: " الكنود [قال: هو الكفور الذي] يأكل وحده، ويمنع رفده، ويضرب عبده ". وقال عطاء: الكنود الذي لا يعطي في النائبة مع قومه. وقال أبو عبيدة: هو قليل الخير، والأرض الكنود التي لا تنبت شيئاً قال أبو ذبيان:
إن نفسي ولم أطب عنك نفساً
غير أنّي أُمنى بدهر كنود
وقال الفضيل بن عياض: الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة. وقال أبو بكر الورّاق: الكنود الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه. محمد بن علي الترمذي: هو الذي يرى النعمة ولا يرى المنعم، وقال أبو بكر الواسطي: هو الذي ينفق نعم اللّه سبحانه في معاصي اللّه، وقال بسّام بن عبد اللّه: هو الذي يجادل ربّه على عقد العوض. ذو النّون: تفسير الهلوع والكنود قوله:{ إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } [المعارج: 20-21]. وقيل: هو الذي يكفر باليسير ولا يشكر الكثير، وقيل: الحقود، وقيل: الحسود. وقيل: جهول القدر. وفي الحكمة من جهل قدره هتك ستره. وقال بعضهم والحسن: رأسه على وسادة النعمة وقلبه في ميدان الغفلة. وقيل: يرى ما منهُ ولا يرى ما إليه، وجمع الكنود كُند. قال الأعشى:
أحدث لها [تحدث] لوصلك أنّها
كند لوصل الزائر المعتاد
{ وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } قال أكثر المفسّرين: وإن اللّه على كنود هذا الإنسان وصنيعه لشاهد، وقال ابن كيسان: ال (هاء) راجعة إلى الإنسان، يعني أنّه شاهد على نفسه بما يصنع، { وَإِنَّهُ } يعني الإنسان { لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ } أي المال. وقال ابن زيد: سمّى اللّه المال خيراً وعسى أن يكون خبيثاً وحراماً ولكن الناس يعدّونه خيراً فسمّاه اللّه خيراً؛ لأن الناس يسمّونه خيراً وسمي الجهاد سوءاً فقال: