الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ }

{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } قتادة: يعني مشركي مكة، مقاتل: هم خمسة نفر: عبد الله بن أُمية المخزومي والوليد بن المغيرة ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري، والعاص بن عامر بن هاشم. قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم { ٱئْتِ بِقُرْآنٍ } ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومناة وهبل وليس فيه عنهما أي { بَدِّلْهُ } تكلم به من تلقاء نفسك.

وقال الكلبي: نزلت في المستهزئين، قالوا: يا محمد ائت بقرآن غيره [ليس فيه ما يغيظنا، أو بدّله] فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة أو آية رحمة آية عذاب أو حرام حلالا أو حلال حراماً { قُلْ } لهم يا محمد { مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِي } من قبل نفسي ومن عندي { ۤ إِنْ أَتَّبِعُ } ما أطيع فيما آمركم وأنهاكم { إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ } أعلمكم { بِهِ } وقرأ الحسن: ولا أدراتكم به، وهي لغة بني عقيل يحولون الياء ألفاً فيقولون: أعطأت بمعنى أعطيت، ولبأت بمعنى لبّيت وجاراة وناصاة للجارية والناصية. فأنشد المفضل:
لقد أذنت أهل اليمامة طيّ   بحرب كناصاة الأغر المشهر
وقال زيد الخيل:
لعمرك ما أخشى التصعلك ما بقا   على الأرض قيسيّ يسوق الأباعرا
أي ما بقي، وقال آخر:
زجرت فقلنا لا نريع لزاجر   إن الغويّ إذا نَها لم يعتب
أي نهى.

وروى البري عن ابن كثير ولادراكم بالقصر على الإيجاب يريد: ولا عملكم به من غير قراءتي عليكم. وقرأ ابن عباس: ولا أدراتكم من الإنذار، وهي قراءة الحسن { فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً } حيناً وهو أربعون سنة { مِّن قَبْلِهِ } من قبل نزول القرآن ولم آتكم بشيء { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } انه ليس من قبلي.

قال ابن عباس: نبّيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعون سنة وأقام بمكة ثلاثة عشرة وبالمدينة عشرة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } فزعم أنه له شريكاً أو صاحبة أو ولداً { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } محمد والقرآن { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ } لا يأمن ولا ينجو المشركون { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ } إن عصوه { وَلاَ يَنفَعُهُمْ } أن أطاعوه يعني الأصنام { وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ } تخبرون { ٱللَّهَ } قرأه العامة: بالتشديد، وقرأ أبو الشمال العدوي: أتُنبئون بالتخفيف وهما لغتان. نبأ ينبئ بنية، وأنبأني إنباءً بمعنى فاعل جمعها.

قوله تعالى:قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } [التحريم: 3] { بِمَا لاَ يَعْلَمُ } بما لا يعلم الله تعالى صحته وحقيقته ولا يكون { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } ومعنى الآية: أتخبرون الله أنّ له شريكاً أو عنده شفيعاً بغير إذنه ولا يعلم الله أنّ له شريكاً في السماوات { وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه نظيره قوله عزّ وجلّ:

السابقالتالي
2