الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }

{ صِرَاطَ } بدل من الأول { ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } يعني: طريق الذين أنعمت عليهم بالتوفيق والرعاية، والتوحيد والهداية، وهم الأنبياء والمؤمنون الذين ذكرهم الله تعالى في قوله:وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً } [النساء: 69].

قال ابن عباس: هم قوم موسى وعيسى من قبل أن يغيّروا نعم الله عليهم.

وقال شهر بن حوشب هم أصحاب الرسول صلى الله عليه ورضي عنهم وأهل بيته (عليهم السلام). وقال عكرمة: { أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } ) بالثبات على الإيمان والإستقامة.

وقال علي بن الحسين بن داود: { أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } بالشكر على السرّاء والصبر على الضرّاء. وقال.... بن....: بما قد سنّه محمد صلى الله عليه وسلم وقال الحسين بن الفضل: يعني أتممت عليهم النعمة فكم من منعم عليه.....

وأصل النعمة المبالغة والزيادة، يقال: دققت الدواء فأنعمت دقّه أي بالغت في دقه، ومنه قول العرب النبي صلى الله عليه وسلم " إن أهل الجنة يتراءون الغرفة منها كما يتراءون الكوكب الدرّي الشرقي أو الغربي في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما ".

أي زادا عليه. وقال أبو عمرو: بالغاً في الخير.

وقرأ الصادق: (صراط من أنعمت عليهم)، وبه قرأ عمرو بن الزبير وعلي، حرف اللام يجر ما بعده. وفي { عَلَيْهِمْ } سبع قراءات:

الأولى: عليهم ـ بكسر الهاء وجزم الميم ـ وهي قراءة العامّة.

والثانية: عليهم ـ بضم الهاء وجزم الميم ـ وهي قراءة الأعمش وحمزة. وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر (رضي الله عنه).

والثالثة: عليهم ـ بضم الهاء والميم وإلحاق الواو ـ وهي قراءة عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق.

والرابعة: عليهمو - بكسر الهاء وضم الميم وإلحاق الواو ـ وهي قراءة ابن كثير والأعرج.

والخامسة: عليهم ـ بكسر الهاء والميم وإلحاق الياء ـ وهي قراءة الحسن.

والسادسة: عليهم ـ بكسر الهاء وضم الميم مضمومة مختلسة ـ وهي رواية عبد الله بن عطاء الخفّاف عن أبي عمرو.

والسابعة: عليهم ـ بكسر الهاء والميم ـ وهي قراءة عمرو بن حامد.

فمن ضمّ الهاء ردّه إلى الأصل لأنه لو أفرد كان مضموماً عند الابتداء به، ومن كسره فلأجل الياء الساكنة. ومن كسر الهاء وجزم الميم فإنه يستثقل الضمّ مع مجاورة الياء الساكنة، والياء أخت الكسرة والخروج من الضم إلى الكسر ثقيل. ومن ضمّ الهاء والميم أتبع فيه الضمّة. ومن كسر الهاء وضمّ الميم فإنه كسر الهاء لأجل الياء وضمّ الميم على الأصل، والاختلاس للاستخفاف، وإلحاق الواو والياء للإتباع والله أعلم. قال الشاعر في الميم المختلسة:
والله لولا شعبة من الكرم   وسطة في الحي من خال وعم
لكنت فيهم رجلا بلا قدم   

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد