الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }

{ ٱهْدِنَا } ، قال علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) وأبيّ بن كعب: أرشدتنا فهذا كما يقال للرجل الذي يأكل: كل، والذي يقرأ: إقرأ، وللقائم: قم لي حتّى أعود لك أي دُم على ما أنت عليه. وقال السدّي ومقاتل: أرشدنا، يقال: هديته للدّين وهديته الى الدين هدىً وهدايةً، قال الحسن بن الفضل: الهدى في القرآن على وجهين:

الوجه الأول: هدى دعاء وبيان كقوله:وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [الشورى: 52]، وقوله:وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } [الرعد: 7] ووَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } [فصّلت: 17].

الوجه الثاني: هدى توفيق وتسديد كقوله:يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } [النحل: 93]، وقوله:إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } [القصص: 56].

و { ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } الطريق الواضح المستوي، قال عامر بن الطفيل:
خشونا أرضهم بالخيل حتّى   تركناهم أذل من الصراط
وقال جرير:
أمير المؤمنين على صراط   إذا اعوجّ الموارد مستقيم
الإختلاف في قراءة الصراط

وفى الصراط خمس قراءات: بالسين وهو الأصل، سمّي الطريق سِراطاً لأنّه يسترط المارّة. أخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا محمد بن حمدويه، حدّثنا محمود بن آدم، حدّثنا سفيان عن عمر عن ثابت قال: سمعت ابن عباس قرأ السِراط بالسين، وبه قرأ ابن كثير [من] طريق.... ويعقوب [من] طريق.....

وبإشمام السين وهي رواية أبي حمدون عن الكسائي، وبالزاي وهي رواية أبي حمدون عن سليم عن حمزة.

وبإشمام الزاي وهي قراءة حمزة في أكثر الروايات والكسائي في رواية نهشل والشيرازي.

وبالصاد قراءة الباقين من القرّاء.

وكلّها لغات فصيحة صحيحة إلاّ إن الاختيار الصاد؛ لموافقة المصحف لأنها كتبت في جميع المصاحف بالصاد. ولأن آخرتها بالطاء لأنهما موافقتان في الاطباق والاستعلاء.

واختلف المفسّرون في { ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } فأخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد، وأبو القاسم الحسن بن محمد النيسابوري قالا: أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني، حدّثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدّثنا الحسين بن علي عن حمزة الزيّات عن أبي المختار الطائي عن [ابن] أبي أخ الحرث الأعسر عن الحرث عن علي قال: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم [يقول]: " الصراط المستقيم كتاب الله عزّ وجلّ ".

وأخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا حامد بن محمد، حدّثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدّثنا زكريا بن عديّ عن مقتضي عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال: الصراط المستقيم كتاب الله عزّ وجلّ.

وأخبرنا عبد الله، أخبرنا عبد الرَّحْمن بن محمد، حدّثنا ليث، حدّثنا عقبة بن سليمان، حدّثنا الحسين بن صالح عن أبي عقيل عن جابر قال: الصراط المستقيم الإسلام، وهو أوسع مما بين السماء والأرض [وإنما كان] الصراط المستقيم الإسلام لأن كل دين وطريق [غير] الإسلام فليس بمستقيم.

وروى عاصم الأحول عن أبي العالية الرياحي: هو طريق النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه.

السابقالتالي
2