الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } * { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } * { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } * { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } * { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } * { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } * { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } * { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب }

قوله: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } يعني بالواحد { ٱلَّذِي خَلَقَ } [آية: 1] يعني الإنسان، وكان أول شىء نزل من القرآن خمس آيات من أول هذه السورة { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } [آية: 2] وهى النطفة التي تكون عشرين ليلة، ثم تصير ماء ودماً، فذلك العلق، قوله: { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } [آية: 3] { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } [آية: 4] وذلك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل المسجد الحرام، فإذا أبو جهل يقلد إلهه الذى يعبده طوقاً من ذهب، وقد طيبه بالمسك، وهو يقول: يا هبل لكل شىء سكن، ولك خير جزاء، أما وعزتك لأسرنك القابل، وذلك أنه كان ولد له في تلك السنة ألف من الإبل، وجاءه عير من الشام فربح عشرة آلاف مثقال من الذهب، فجعل ذلك الشكر لهبل، وهو صنم كان في جوف الكعبة طوله ثمانية عشر ذراعاً.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويحك، أعطاك إلهك وشكرت غيره، أما والله لله فيك نقمة، فانظر متى تكون؟ ويحك، يا عم، أدعوك إلى الله وحده، فإنه ربك ورب آبائك الأولين، وهو خلقك ورزقك، فإن اتبعتني أصبت الدنيا والآخرة " ، قال له: واللات والعزى رب هذه البنية لئن لم تنته عن مقالتك هذه، فإن وجدتك هاهنا، وأنت تعبد غير آلهتنا لأسفعنك على ناصيتك يقول: لأخرجنك على وجهك، أليس هؤلاء بناته، قال: وأنى يكون له ولد؟.

فأنزل الله عز وجل { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [آية: 5] والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بالأراك ضحى، ثم بين، فقال: { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } يعني من دم حتى تحولت النطفة دماً، اقرأ يا محمد، ثم استأنف، فقال: { وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ ٱلَّذِى عَلَّمَ } الكتابة { بِٱلْقَلَمِ عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ } من القرآن { مَا لَمْ يَعْلَمْ }.

ثم قال: { كَلاَّ } لا يعلم إن علمته، ثم استأنف، فقال: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } [آية: 6] في نعم الله عز وجل، يعني أبا جهل بن هشام، وكان إذا أصاب مالاً أشر يعني بطر في ثيابه، وفى مراكبه، وفى طعامه وشرابه، فذلك طغيانه، إذا رأى نفسه استغنى، وكان موسراً طغى، فخوفه الله الرجعة إليه، فقال: { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } [آية: 8] خوفه في القيامة في التقديم بعد أن قال: { وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } ، ثم هدده فيما بعد بقوله: { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } [العلق: 15]، ثم ذكر الناصية، فقال: { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } [العلق: 16].

ثم قال: { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } [آية: 10] وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم فرضت عليه الصلاة بمكة، فقال أبو جهل: لئن رأيت محمداً يصلى لأضربن عنقه، فقال الله، عز وجل: { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ } ، يعني محمداً { عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } [آية: 11] { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } [آية: 12] يعني الإخلاص { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ } أبو جهل بالقرآن { وَتَوَلَّىٰ } [آية: 13]، يعني وأعرض { أَلَمْ يَعْلَم } أبو جهل { بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } [آية: 14] النبي صلى الله عليه وسلم وحده، ويرى جمع أبي جهل.

السابقالتالي
2