الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } * { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } * { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } * { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } * { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } * { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } * { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } * { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } * { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } * { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } * { لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } * { ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } * { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } * { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ }

قوله: { وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } [آية: 1] { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } [آية: 2] أقسم الله عز وجل بالليل إذا غشى ظلمته ضوء النهار، والنهار إذا تجلى عن ظلمة الليل، فقال: { إِنَّ سَعْيَكُمْ } إن أعمالكم { لَشَتَّىٰ } [الليل: 4] يا أهل مكة.

قوله: { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } [آية: 3] يعني أدم وحواء وما هاهنا صلة، فأقسم الله عز وجل بنفسه، وبهؤلاء الآيات، فقال: والذي خلق الذكر والأنثى، نظيرها فيوَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } [الشمس: 1].

{ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } [آية: 4] يا أهل مكة، يقول: أعمالكم مختلفة في الخير والشر، ثم قال: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ } المال في حق الله عز وجل { وَٱتَّقَىٰ } [آية: 5] ونزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق، رحمة الله عليه، وذلك أنه مر على أبي سفيان، وهو صخر بن حرب، وإذا هو يعذب بلالاً على إسلامه، وقد وضع حجراً على صدره، فهو يعذبه عذاباً شديداً، فقال له أبو بكر الصديق، رحمة الله عليه: أتعذب عبداً على معرفة ربه؟ قال أبو سفيان: أما والله، إنه لم يفسد هذا العبد الأسود غيركم، أنت وصاحبك، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له أبو بكر، رضي الله عنه: هل لك أن أشتريه منك؟ قال: نعم.

قال أبو بكر: والله ما أجد لهذا العبد ثمناً، قال له صخر بن حرب: والله إن جبلاً من شعر أحب إلىّ منه، فقال له الصديق أبو بكر: والله إنه خير من ملء الأرض ذهباً، قال له أبو سفيان: اشتره منى، قال له أبو بكر: قد اشتريت هذا العبد الذي على دينى بعبد مثله على دينك، فرضي أبو سفيان، فاشترى أبو بكر بلالاً، رضي الله عنه، فأعتقه.

قال أبو سفيان لأبي بكر، رضي الله عنه: أفسدت مالك ومال أبي قحافة، قال: أرجو بذلك المغفرة من ربي، قال: متى؟ قال أبو بكر، رضي الله عنه: يوم تدخل سقر تعذب، قال: أليس تعدني هذا بعد الموت؟ قال: نعم، قال: فضحك الكافر واستلقى، وقال: يا عتيق أتعدني البعث بعد الموت؟ وتأمرني أن أرفض مالي إلى ذلك اليوم؟ لقد خسرت واللات والعزى إن مالك قد ضاع، وإنك لا تصيب مثله أبداً، قال أبو بكر، رضي الله عنه: والله، لأذكرنك هذا اليوم يا أبا سفيان، فأنزل الله عز وجل: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } [آية: 6] يقول بعدة الله عز وجل أن يخلفه في الآخرة خيراً، إذا أعطى في حق الله عز وجل.

{ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } [آية: 7] يعني نيسره للعودة إلى أن يعطى فسنيسره للخير { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } [آية: 8] عن الله تعالى في نفسه { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } [آية: 9] يعني بعدة الله بأن يخلفه خيراً منه { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } [آية: 10] يقول: نعسر عليه أن يعطى خيراً { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ } الذي بخل به في الدنيا { إِذَا تَرَدَّىٰ } [آية: 11] يعني إذا مات، وتردى في النار، يعني أبا سفيان، يقول الله تعالى { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } [آية: 12] يعني بيان الهدى { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } [آية: 13] يعني الدنيا والآخرة { فَأَنذَرْتُكُمْ } يا أهل مكة { نَاراً تَلَظَّىٰ } [آية: 14] يعني تتوقد وتشتعل { لاَ يَصْلاَهَآ } يعني النار { إِلاَّ ٱلأَشْقَى } [آية: 15] يعني هؤلاء النفر من أهل مكة.

السابقالتالي
2