الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } * { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } * { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ } * { وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } * { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ }

يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } من شدة أو رخاء، { هُوَ مَوْلاَنَا } ، يعني ولينا، { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [آية: 51]،

يعنى بالله فليثق الواثقون.

{ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ } ، إما الفتح والغنيمة في الدنيا، وإما شهادة فيها الجنة في الآخرة والرزق، { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ } العذاب والقتل، { أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ } عذاب { بِأَيْدِينَا } فنقتلكم، { فَتَرَبَّصُوۤاْ } بناالشر، { إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } [آية: 52] بكم العذاب.

{ قُلْ } يا محمد للمنافقين: { أَنفِقُواْ طَوْعاً } من قبل أنفسكم، { أَوْ كَرْهاً } مخافة القتل، { لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ } النفقة، { إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } [آية: 53]، يعني عصاة.

{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ } بالتوحيد { وَ } كفروا { وَبِرَسُولِهِ } بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه ليس برسول، { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ } ، يعني متثاقلين ولا يرونها واجبة عليهم، { وَلاَ يُنفِقُونَ } ، يعني المنافقين الأموال، { إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } [آية: 54] غير محتسبين.

{ فَلاَ تُعْجِبْكَ } يا محمد { أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ } ، يعني المنافقين: { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } بما يلقون في جمعها من المشقة، وفيها من المصائب، { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ } ، يعني ويريد أن تذهب أنفسهم على الكفر فيميتهم كفاراً، فذلك قوله: { وَهُمْ كَافِرُونَ } [آية: 55] بتوحيد الله ومصيرهم إلى النار.

{ وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ } يعنيهم، { إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ } معشر المؤمنين على دينكم، يقول الله: { وَمَا هُم مِّنكُمْ } على دينكم، { وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } [آية: 56] القتل فيظهرون الإيمان.

ثم أخبر عنهم، فقال: { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً } ، يعني حرزاً يلجأون إليه، { أَوْ مَغَارَاتٍ } ، يعني الغيران في الجبال، { أَوْ مُدَّخَلاً } ، يعني سرباً في الأرض، { لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ } وتركوك يا محمد، { وَهُمْ يَجْمَحُونَ } [آية: 57]، يعني يستبقون إلى الحرز.

{ وَمِنْهُمْ } ، يعني المنافقين، { مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ } ، يعني يطعن عليك، نظيرها:وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } [الهمزة: 1]، وذلك " أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الصدقة، وأعطى بعض المنافقين، ومنع بعضاً، وتعرض له أبو الخواص، فلم يعطه شيئاً، فقال أبو الخواص: ألا ترون إلى صاحبكم، وإنما يقسم صدقاتكم في رعاء الغنم، وهو يزعم أنه يعدل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا أبا لك، أما كان موسى راعياً، أما كان داود راعياً " ، فذهب أبو الخواص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " احذروا هذا وأصحابه، فإنهم منافقون " " ، فأنزل الله: { وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ } ، يعني يطعن عليك بأنك لم تعدل في القسمة، { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } [آية: 58].

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ } ، يعني ما أعطاهم، { ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ } يعني سيغنينا الله { مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ } ، فيها تقديم، { إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ } [آية: 59].