الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ }

{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } ، وذلك أن اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى، فرفع الله عنهم التوراة، ومحاها من قلوبهم، فخرج عزير يسيح في الأرض، فأتاه جبريل، عليه السلام، فقال له: أين تذهب؟ قال: لطلب العلم، فعلمه جبريل التوراة كلها، فجاء عزير بالتوراة غضاً إلى بني إسرائيل فعلمهم، فقالوا: لم يعلم عزير هذا العلم إلا لأنه ابن الله، فذلك قوله: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } ، ثم قال: { وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } ، يعنون عيسى ابن مريم، { ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ } ، يقول: هم يقولون بألسنتهم من غير علم يعلمونه، { يُضَاهِئُونَ } ، يعني يشبهون { قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، يعني قول اليهود { مِن قَبْلُ } قول النصارى لعيسى قول اليهود في عزير، { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ } ، يعني لعنهم الله { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [آية: 30]، يعني النصارى من أين يكذبون بتوحيد الله.

ثم أخبر عن النصارى، فقال: { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ } ، يعني علماءهم، { وَرُهْبَانَهُمْ } ، يعني المجتهدين في دينهم أصحاب الصوامع، { أَرْبَاباً } ، يعني أطاعوهم { مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَ } اتخذوا { وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ } رباً، يقول: { وَمَآ أُمِرُوۤاْ } ، يعني وما أمرهم عيسى، { إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً } ، وذلك أن عيسى قال لبني إسرائيل في سورة مريم، وفى حم الزخرف:إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [الزخرف: 64]، فهذا قول عيسى لبنى إسرائيل، { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [آية: 31]، نزه نفسه عما قالوا من البهتان.

ثم أخبر عنهم، فقال: { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ } ، يعني دين الإسلام بألسنتهم بالكتمان، { وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ } ، يعني يظهر دينه الإسلام، { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } [آية: 32] أهل الكتاب بالتوحيد.