الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } * { وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

وقال النبي صلى الله عليه وسلم حين قدموا المدينة: " لا تجالسوهم، ولا تكلموهم " ، ثم قال: { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } ، يعني سنن ما أنزل الله على رسوله في كتابه، يقول: هم أقل فهماً بالسنن من غيرهم، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [آية: 97].

{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ } في سبيل الله { مَغْرَماً } لا يحتسبها، كان نفقته غرم يغرمها، { وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ } ، يعني يتربص بمحمد الموت، يقول: يموت فنستريح منه ولا نعطيه أموالنا، ثم قال: { عَلَيْهِمْ } بمقالتهم { دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ } ، نزلت في أعراب مزينة، { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } لمقالتهم، { عَلِيمٌ } [98] بها.

{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ، يعني يصدق بالله أنه واحد لا شريك له، { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِر } ، يعني يصدق بالتوحيد وبالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، { وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ } في سبيل الله { قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ } يعني واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم، ويتخذ النفقة والاستغفار قربات، يعني زلفى عند الله، فيها تقديم، يقول: { أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ } عند الله، ثم أخبر بثوابهم، فقال: { سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ } ، يعني جنته، { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لذنوبهم، { رَّحِيمٌ } [آية: 99] بهم، نزلت في مقرن المزني.

ثم قال: { وَٱلسَّابِقُونَ } إلى الإسلام، { ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ } الذين صلوا إلى القبلتين، علي بن أبي طالب، عليه السلام، وعشر نفر من أهل بدر { وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم } على دينهم الإسلام، { بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } بالطاعة، { وَرَضُواْ عَنْهُ } بالثواب، { وَأَعَدَّ لَهُمْ } في الآخرة { جَنَّاتٍ تَجْرِي } من { تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ } ، يعني بساتين تجرى تحتها الأنهار، { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } لا يموتون، { ذٰلِكَ } الثواب { ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [آية: 100].

{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ } ، يعني جهينة، ومزينة، أسلم، وغفار، وأشجع، كانت منازلهم حول المدينة وهم منافقون، ثم قال: { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } منافقون، { مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } ، يعني حذقوا، منهم: عبد الله بن أبي، وجد بن قيس، والجلاس، ومعتب بن قشير، ووحوج بن الأسلت، وأبو عامر بن النعمان الراهب، الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم الفاسق، وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة، { لاَ تَعْلَمُهُمْ } يا محمد، { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } ، يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تعرف نفاقهم، نحن نعرف نفاقهم، { سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ } عند الموت تضرب الملائكة الوجوه والأدبار، وفى القر منكر ونكير، { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } [آية: 101]، يعني عذاب جهنم.

{ وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً } ، يعني غزاة قبل غزاة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم، { وَآخَرَ سَيِّئاً } تخلفهم عن غزاة تبوك، نزلت في أبي لبابة، اسمه مروان بن عبد المنذر، وأوس بن حزام، ووديعة بن ثعلبة وكلهم من الأنصار، وذلك حين بلغهم

السابقالتالي
2