الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } * { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } * { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } * { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } * { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } * { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } * { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } * { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } * { فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } * { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } * { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } * { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } * { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً } * { وَأَكِيدُ كَيْداً } * { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }

{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ وَمَآ أَدْرَاكَ } يا محمد { مَا ٱلطَّارِقُ } [آية: 2] فسرها له؟ فقال: { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } [آية: 3] يعني المضىء إن { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } [آية: 4] وذلك أن الله عز وجل خلق النجوم ثلاثة نجوم يهتدى بها، ونجوم رجوم للشياطين، ونجوم مصابيح الأرض، فأقسم الله عز وجل بها، فقال: إن كل نفس ما من نفس لما عليها حافظ من الملائكة يكتبون حسناته وسيئاته قال: فإن لا يصدق هذا الإنسان بالبعث { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } [آية: 5] قال: { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } [آية: 6] ثم فسر الماء الدافق، فقال: خلق من ماء الرجل، والمرأة والتصق بعضه على بعض فخلق منه { يَخْرُجُ } ذلك الماء { مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } [آية: 7] يقول: من بين صلب الرجل وترائب المرأة، والترائب موضع القلادة، فأما ماء الرجل، فإنه أبيض غليظ منه العصب والعظم، وأما ماء المرأة، فإنه أصفر رقيق منه اللحم والدم والشعر { إِنَّهُ } الرب تبارك وتعالى الذي خلقه من ماء دافق.

{ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } [آية: 8] قادر على أن يبعثه يوم القيامة { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [آية: 9] يوم تختبر السرائر كل سريرة من الذنوب عملها ابن آدم، { فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ } يمتنع من الله بقوته { وَلاَ } له { نَاصِرٍ } [آية: 10] ينصره من الله تعالى، ثم أقسم الله تعالى، فقال: { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } [آية: 11] ذات المطر { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } [آية: 12] بالنبات { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } [آية: 13] يقول: إن الذي وصفته في هذه السورة لقول فصل، يقول لهو قول الحق.

ثم قال: { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } [آية: 14] يقول: وما هو باللعب، ثم انقطع الكلام، وأما قوله: { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } [آية: 17] فإنهم لما رأوا النبى صلى الله عليه وسلم قد أظهر الإيمان، وآمن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فلما آمن عمر، قال بعضهم لبعض: ما ترى أمر محمد إلا يزداد يوماً بيوم، ونحن في نقصان لاشك، لأنه والله يفوق جمعنا وجماعتنا، ويكثر ونقل، ولا شك إلا أنه سيغلبنا، فيخرجنا من أرضنا، ولكن قوموا بنا حتى نستشير في أمرهن فدخلوا دار الندوة منهم عتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والوليد بن المغيرة، وأبو البحترى بن هشام، وعمرو بن عمير بن مسعود الثقفي، فلما دخلوا دخل معهم إبليس في صورة رجل شيخ، فنظروا إليه، فقالوا: يا شيخ من أدخلك علينا؟ ومن أنت؟ قد علمت أنا قد دخلنا هاهنا في أمر ما نريد أن لا يعلم به أحد، قال إبليس: إني والله، لست من أرض تهامة، وإني رجل من الأزد، ويقال: من نجد، قدمت اليمن وأنا أريد العراق، في طلب حاجة، ولكني رأيتكم حسنة وجوهكم، طيبة رائحتكم، فأحببت أن أستريح وأسمع من أحاديثكم، فقال بعضهم لبعض: لا بأس علينا منه، وإنه والله ليس من أرض تهامة، قالوا: يا شيخ أغلق الباب واجلس.

السابقالتالي
2