{ وَٱعْلَمُوۤا } يخبر المؤمنين { أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ } يوم بدر، { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } ، يعني قرابة النبي صلى الله عليه وسلم، { وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } ، يعني الضعيف نازل عليك، { إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ } ، يعني صدقتم بتوحيد الله وصدقتم بـ { وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا } من القرآن { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } ، يعني يوم النصر فرق بين الحق والباطل، فنصر النبي صلى الله عليه وسلم وهزم المشركين ببدر { يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } ، يعني جمع النبي صلى الله عليه وسلم ببدر، وجمع المشركين، فأقروا الحكم لله في أمر الغنيمة والخمس، وأصلحوا ذات بينكم، { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آية: 41]، يعني قادر فيما حكم من الغنيمة والخمس. ثم أخبر المؤمنين عن حالهم التى كانوا عليها، فقال: أرأيتم معشر المؤمنين: { إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا } ، يعني من دون الوادي على شاطئ مما يلي المدينة، { وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ } من الجانب الآخر مما يلي مكة، يعني مشركي مكة، فقال: { وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ } ، يعني على ساحل البحر أصحاب العير أربعين راكباً أقبلوا من الشام إلى مكة، فيهم: أبو سفيان، وعمرو بن العاص، ومخرمة بن نوفل، وعمرو بن هشام، { وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ } أنتم والمشركون، { لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَادِ وَلَـٰكِن } الله جمع بينكم وبين عدوكم على غير ميعاد، أنتم ومشركو مكة، { لِّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً } فى علمه، { كَانَ مَفْعُولاً } ، يقول: أمراً لا بد كائناً؛ ليعز الإسلام وأهله، ويذل الشرك وأهله، { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ } بالإيمان { مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } [آية: 42]. { إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ } يا محمد في التقديم { فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى فى المنام أن العدو قليل قبل أن يلتقوا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بما رأى، فقالوا: رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق والقوم قليل، فلما التقوا ببدر قلل الله المشركين فى أعين الناس، لتصديق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً } حين عاينتموهم { لَّفَشِلْتُمْ } ، يعني لجبنتم وتركتم الصف، { وَلَتَنَازَعْتُمْ } ، يعني واختلفتم، { فِي ٱلأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } ، يقول: أتم المسلمون أمرهم على عدوهم، فهزموهم ببدر، { إِنَّهُ } الله { عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [آية: 43]، عليم بما فى قلوب المؤمنين من أمر عدوهم. { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ } يا معشر المسلمين { فِيۤ أَعْيُنِهِمْ } ، يعنى فى أعين المشركين، وذلك حين التقوا ببدر، قلل الله العدو فى أعين المؤمنين، وقلل المؤمنين فى أعين المشركين ليجترئ بعضهم على بعض في القتال، { لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً } فى علمه { كَانَ مَفْعُولاً } ، ليقضي الله أمراً لا بد كائناً ليعز الإسلام بالنصر ويذل أهل الشرك بالقتل والهزيمة، { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } [آية: 44]، يقول: مصير الخلائق إلى الله عز وجل، فلما رأى عدو الله أبو جهل وقتله.