الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } * { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } * { فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ } * { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } * { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } * { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ }

قوله: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } [آية:15] قبل هذا { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِي ٱلْمُقَدَّسِ } يقول: بالوادى المطهر اسمه { طُوًى } [آية: 16] لأن الله عز وجل طوى عليه القدس، وكان نداؤه إياه أنه قال: يا موسى، فناداه من الشجرة، وهي الشمران، فقال: يا موسى، إنى أنا ربك، يا موسى، { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } [آية: 17] يقول: إنه قد بلغ من طغيانه أنه عبد، وفى قراءة ابن مسعود " طغى " لأنه لم يعبد صنما قط ولكنه دعا الناس إلى عبادته، فذلك قوله: { إِنَّهُ طَغَىٰ } { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } [آية: 18] يقول: هل لك أن تصلح ما قد أفسدت، يقول: وأدعوك لتوحيد الله { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ } إلى عظمته { فَتَخْشَىٰ } [آية: 19] يخبر الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وسلم بخبره، قال له فرعون: ما هى؟ قال: { فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } [آية: 20] وهي اليد والعصا أخرج يده بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر، فكانت اليد أعظم وأعجب من العصا من غير سوء يعني من غير برص، قال: { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ } [آية: 21] وزعم أنه ليس من الله عز وجل { وَعَصَىٰ } فقال: إنه سحر، { وَعَصَىٰ } أيضاً يعني استعصى عن الإيمان، قال: { ثُمَّ أَدْبَرَ } عن الحق { يَسْعَىٰ } [آية: 22] يعني في جمع السحر فهو قوله:فَجَمَعَ كَيْدَهُ } [طه:6] ثم أتى بهم { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } [آية: 23] يقول حشر القبط { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [آية: 24] وذلك أن موسى صلى الله عليه وسلم قال لفرعون: لك ملكك فلا يزول، ولك شبابك فلا تهرم، ولك الجنة إذا مت، على أن تقول ربي الله وأنا عبده، فقال فرعون: إنك لعاجز بيننا يكون الرجل ربا يعبد حتى يكون له رب، فقال، فرعون: { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } يقول: ليس لي رب فوق، فذلك الأعلى { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ } بعقوبة قوله: { نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } [آية: 25] وكان بينهما أربعين سنة، الأولى قوله:مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [القصص: 38] والآخرة قوله { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } ثم قال: { إِنَّ فِي ذَلِكَ } يقول: إن في هلاك فرعون وقومه { لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } [آية: 26] يعني لمن يذكر الله تعالى، يقول: لمن يخشى عقوبة الله تعالى، مثل ما فعل آل فرعون فلا يشرك، يخوف كفار مكة لئلا يكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم فيجازيهم مثل ما حل بقوم فرعون من العذاب.