الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } * { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } * { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً } * { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } * { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } * { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } * { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } * { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } * { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } * { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً } * { وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً }

{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } [آية: 1] { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } [آية: 2] استفهما للنبي صلى الله عليه وسلم عن أى شىء يتساءلون نزلت في أبي لبابة وأصحابه وذلك أن كفار مكة كانوا يجتمعون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمعون حديثه إذا حدثهم خالفوا قوله، واستهزءوا منه وسخروا، فأنزل الله تعالى:أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ } يا محمدآيَاتِ ٱللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } [النساء: 140].

" فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث المؤمنين فإذا رأى رجلا من المشركين كف عن الحديث حتى يذهب، ثم أقبلوا بجماعتهم فقالوا: يا محمد، أبخلت بما كنت تحدثنا؟ لو أنك حدثتنا عن القرون الأولى فإن حديثك عجب، قال: لا، والله لا أحدثكم بعد يومى هذا وربى قد نهانى عنه " فأنزل الله تعالى { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } يعني القرآن كقوله:قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } [ص: 67] لأنه كلام الله تعالى، قال: { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } [آية: 3] يقول: لم يسألون عن القرآن وهم يخالفونه، ولا يؤمنون به؟ فصدق بعضهم به، وكفر بعضهم به، فاختلفوا فيه، ثم خوفهم الوعيد، فقال: { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } [آية: 4] إذا قتلوا ببدر وتوفتهم الملائكة ظالمى أنفسهم، يضربون وجوههم وأدبارهم، ثم قال: { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } [آية: 5] وعيد على أثر وعيد نزلت في حيين من أحياء العرب يعني عبد مناف ابن قصي، وبني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، نظيرها فيأَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } [التكاثر:1] ثم ذكر صنعه ليعتبروا إذا بعثوا يوم القيامة وقد كذبوا بالقيامة والبعث فعظم الرب نفسه تبارك وتعالى فقال: { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَاداً } [آية: 6] يعني فراشاً وأيضاً بساطاً مسيرة خمسمائة عام { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } [آية: 7] على الأرض لئلا تزول بأهلها فاستقرت وخلق الجبال بعد خلق الأرض.

ثم قال: { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } [آية: 8] يعني أصنافاً ذكوراً وإناثاً، سوداً وبيضاً وحمراً وأدماً، ولغات شتى، فذلك قوله: { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } فهذا كله عظمته، ثم ذكر نعمته فقال { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } [آية: 9] يقول: إذا دخل الليل أدرككم النوم فتستريحون، ولولا النوم ما استرحتم أبداً من الحرص وطلب المعيشة، فذلك قوله: { سُبَاتاً } لأنه يسبت والنائم مسبوت كأنه ميت لا يعقل { وَجَعَلْنَا ٱللَّيْلَ لِبَاساً } [آية: 10] يعني سكناً، كقوله:هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ } [البقرة:187] يعني سكناً لكم فألبسكم ظلمته على خير وشر كثير، ثم قال: { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } [آية: 11] لكى تنتشروا لمعيشتكم فهذان نعتمان من نعم الله عليكم، ثم ذكر ملكه وجبروته وارتفاعه فقال: { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } [آية: 12] يعني بالسبع السموات وغلظ كل سماء مسيرة عام، وبين كل سماءين مثل ذلك نظير في المؤمنين:

السابقالتالي
2