الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } * { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً }

{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } [آية: 8] يعني نفخ في الصور، والناقور القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل، وهو الصور { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } [آية:9] يعني مشقته وشدته، ثم أخبر على من عسره، فقال: { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } [آية: 10] غير هين، ويهون ذلك على المؤمن كأدنى صلاته { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } [آية: 11] يعني الوليد بن المغيرة المخزومي، كان يسمى الوحيد في قومه، وذلك أن الله عز وجل أنزل على النبي صلى الله عليه وسلمحـمۤ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } [غافر: 1-3].

فلما نزلت هذه الآية قام النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام فقرأها والوليد بن المغيرة قريباً منه يستمع إلى قراءته، فلما فطن صلى الله عليه وسلم أن الوليد بن المغيرة يستمع إلى قراءته أعاد النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: { حـمۤ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ } في ملكه { ٱلْعَلِيمِ } بخلقه { غَافِرِ ٱلذَّنبِ } لمن تاب من الشرك، { وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } لمن تاب من الشرك، { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } لمن لم يتب من الشرك { ذِي ٱلطَّوْلِ } يعني ذي الغنى عمن لم يوحد، ثم وحد الرب نفسه حين لم يوحدوه كفار مكة، فقال: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } يعني مصير الخلائق في الآخرة إليه، فلما سمعها الوليد انطلق حتى أتى مجلس بني مخزوم، فقال: والله، لقد سمعت من محمد كلاماً آنفاً ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وأن أسفله لمعرق، وأن أعلاه لموفق، وأن له لحلاوة، وأن عليه لطلاوة، وأنه ليعلو وما يعلى.

ثم انصرف إلى منزله، فقالت قريش: لقد صبأ الوليد، والله لئن صبأ لتصبون قريش كلها، وكان يقال للوليد: ريحانة قريش، فقال أبو جهل: أنا أكفيكموه، فانطلق أبو جهل حتى دخل على الوليد، فقعد إليه كشبه الحزين، فقال له الوليد: ما لى أراك يا ابن أخى حزيناً؟ فقال أبو جهل: ما يمنعني أن لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة ليعينوك على كبرك، ويزعمون أنك إنما زينت قول محمد لتصيب من فضل طعامه، فغضب الوليد عند ذلك، وقال: أو ليس قد علمت قريش أنى من أكثرهم مالاً وولداً، وهل يشبع محمد وأصحابه من الطعام، فيكون لهم فضل؟ فقال أبو جهل: فإنهم يزعمون أنك إنما زينت قول محمد من أجل ذلك.

فقام الوليد فانطلق مع أبى جهل، حتى أتى مجلس قومه بنى مخزوم، فقال: تزعمون أن محمداً كاهن، فهل سمعتموه يخبر بما يكون في غد؟ قالوا: اللهم لا، قال: وتزعمون أن محمداً شاعر، فهل رأيتموه ينطق فيكم بشعر قط؟ قالوا: اللهم لا، قال: وتزعمون أن محمداً كذاب، فهل رأيتموه يكذب فيكم قط؟ قالوا: اللهم لا، وكان يسمى محمد صلى الله عليه وسلم قبل النبوة الأمين، فبرأه من هذه المغالة كلها.

السابقالتالي
2 3