الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً } * { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً } * { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً } * { ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً } * { ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً } * { فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } * { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } * { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } * { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } * { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً }

{ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً } [آية: 5] ليسمعوا { فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً } [آية: 6] يعني تباعداً من الإيمان { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ } إلى الإيمان، يعني إلى الاستغفار { لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ } لئلا يسمعوا دعائي { وَأَصَرُّواْ } وأقاموا على الكذب { وَٱسْتَكْبَرُواْ } يعني وتكبروا عن الإيمان { ٱسْتِكْبَاراً } [آية: 7] يعني وتكبراً { ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً } [آية: 8] يعني مجاهرة وعلانية { ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ } يعني صحت إليهم علانية { وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ } في بيوتهم { إِسْرَاراً } [آية: 9].

{ فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } من الشرك { إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } [آية: 10] للذنوب { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } [آية: 11] يعني المطر عليكم يجىء به متتابعاً { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } وذلك أن قوم نوح كذبوا نوحاً زمانا طويلا، ثم حبس الله عليهم المطر وعقم أرحام نسائهم أربعين سنة، فهلكت جناتهم ومواشيهم، فصاحوا إلى نوح فقال لهم: { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } من الشرك { إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } للذنوب، كان ولم يزل غفاراً للذنوب { يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ } يعني المطر يجىء به { مِّدْرَاراً } يعني متتابعاً { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ } يعني البساتين { وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } [آية: 12] فدعاهم نوح إلى توحيد الله تعالى، قال: إنكم إذا وحدتم تصيبون الدنيا والآخرة جميعاً، ثم قال: { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [آية: 13] يقول: ما لكم لا تخشون لله عظمة، وقال ما لكم لا تخافون يعني تفرقون لله عظمة في التوحيد، فتوحدونه فإن لم توحدوه لم تعظموه.

ثم قال: { وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } [آية: 14] يعني من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم لحماً، ثم عظماً، وهي الأطوار.