الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } * { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ } * { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ }

{ وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مَّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ } من العذاب، { وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ } ، يعنى لم يصدقوا بالعذاب، { فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ } ، حتى يقضى الله { بَيْنَنَا } فى أمر العذاب، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } [آية: 87]، يعنى وهو خير الفاصلين، فكان قضاؤه نزول العذاب بهم.

{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } ، يعنى الذين تكبروا عن الإيمان، وهم الكبراء، { لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } ، يعنون الشرك، أو لتدخلن فى ملتنا، { قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } [آية: 88].

ثم قال لهم شعيب: { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ } الشرك، يعنى إن دخلنا فى دينكم، { بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا } ، يقول: بعد إذ لم يجعلنا الله من أهل ملتكم الشرك، { وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ } ، وما ينبغى لنا أن ندخل فى ملتكم الشرك، { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا } ، فيدخلنا فى ملتكم، { وَسِعَ } ، يعنى ملأ { رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } ، فعلمه، { عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } ، لقولهم لشعيب: لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا، ثم قال شعيب: { رَبَّنَا ٱفْتَحْ } ، يعنى اقض { بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ } ، يعنى بالعدل فى نزول العذاب بهم، { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } [آية: 89]، يعنى القاضين.

{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ } ، وهم الكبراء للضعفاء، { لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً } على دينه، { إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } [آية: 90]، يعنى لعجزة، نظيرها فى يوسف:لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } [يوسف: 14]، يعنى لعجزة ظالمون.

{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } ، يعنى العذاب، { فَأَصْبَحُواْ } من صيحة جبريل، عليه السلام، { فِي دَارِهِمْ } ، يعنى قريتهم، { جَاثِمِينَ } [آية: 91]، يعنى أمواتاً خامدين.

{ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } ، يعنى كأن لم يكونوا فيها قط، { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ } [آية: 92].

{ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ } ، يعنى فأعرض عنهم حين كذبوا بالعذاب، نظيرها فى هود، { وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي } ، فى نزول العذاب بكم فى الدنيا، { وَنَصَحْتُ لَكُمْ } فيما حذرتكم من عذابه، { فَكَيْفَ آسَىٰ } ، يقول: فكيف أحزن بعد الصيحة، { عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ } [آية: 93] إذا عذبوا.