ثم ذكر الله ثمود قوم صالح، فقال: { وَ } أرسلنا { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } ، ليس بأخيهم فى الدين، ولكن أخوهم فى النسب، { قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ، يعنى وحدوا الله، { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } ، يقول: ليس لكم رب غيره، { قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } ، يعنى بالبينة الناقة، فقال: { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً } ، لتعتبروا فتوحدوا ربكم، وكانت من غير نسل، وكان الفصيل من نسل، { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ } ، يقول: خلوا عنها فلتأكل حيث شاءت، ولا تكلفكم مؤونة، { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } ، لا تصيبوها بعقر، { فَيَأْخُذَكُمْ } ، يعنى فيصيبكم { عَذَابٌ أَلِيمٌ } [آية: 73]، يعنى وجيع فى الدنيا.
{ وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ } هلاك { عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً } ، يعنى تبنون فى الجبال من الحجارة بيوتاً، { فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ } ، يعنى نعم الله فى القصور والبيوت فتوحدوه، { وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [آية: 74]، يعنى ولا تسعوا فيها بالمعاصى.
{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } ، يعنى الذين تكبروا عن الإيمان، وهم الكبراء، { مِن قَوْمِهِ } ، أى من قوم صالح، { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } ، يعنى لمن صدق منهم بالتوحيد، { أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } [آية: 75].
{ قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ } ، يعنى صدقتم به من العذاب والتوحيد { كَافِرُونَ } [آية: 76].
{ فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ } ليلة الأربعاء، { وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } ، يعنى التوحيد، { وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } من العذاب { إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [آية: 77] الذادقين بأن العذاب نازل بنا.
{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } ، يعنى فأصابهم العذاب بكرة السبت من صيحة جبريل، عليه السلام، { فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [آية: 78]، يعنى فى منازلهم خامدين، أمواتاً.
{ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ } ، يعنى فأعرض عنهم حين كذبوا بالعذاب، { وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي } فى نزول العذاب بكم فى الدنيا، { وَنَصَحْتُ لَكُمْ } فيما حذرتكم من عذابه، { وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّاصِحِينَ } [آية: 79]، يعنى نفسه.