{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } قبل ذلك، { يُغْشِي ٱلْلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ } ، يقول: يغشى ظلمة الليل ضوء النهار، { يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } ، يعنى سريعاً، { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ } لبنى آدم، { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ } ، يعنى كل شىء خلق، { وَٱلأَمْرُ } ، يعنى قضاءه، فى الخلق الذى فى اللوح المحفوظ، فله المشيئة فى الخلق والأمر، { تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 54]، فيخبر بعظمته وقدرته.
ثم بين كيف يدعونه، فقال: { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً } ، يعنى مستكينين، { وَخُفْيَةً } ، يعنى فى خفض وسكون، كقوله:{ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } [الإسراء: 110]، يعنى تسر بها، فادعوه فى حاجتكم ولا تدعوه فيما لا يحل لكم على مؤمن أو مؤمنة، تقول: اللهم اخزه والعنه، اللهم أهلكه، أو افعل به كذا وكذا، فذلك عدوان، { إِنَّهُ } الله، { لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } [آية: 55].
{ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } ، وذلك أن الله إذا بعث نبياً إلى الناس فأطاعوه، صلحت الأرض وصلح أهلها، وأن المعاصى فساد المعيشة وهلاك أهلها، يقول: لا تعملوا فى الأرض بالمعاصى بعد الطاعة، { وَٱدْعُوهُ خَوْفاً } من عذابه، { وَطَمَعاً } فى رحمته، فمن فعل ذلك وهو محسن، فذلك قوله: { إِنَّ رَحْمَةَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [آية: 56]، يعنى بالرحمة المطر، يقول: الرحمة لهم.