الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } * { وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } * { فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } * { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ }

{ وَيَا آدَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } ، في التقديم { فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } ، وهي السنبلة الحنطة، وقالوا: هي الشجرة التى تحتك بها الملائكة للخلود، { فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 19] لأنفسكم.

{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } ، يعني إبليس وحده، { لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا } ، يعني ما غطى عنهما { مِن سَوْءَاتِهِمَا } ، يعني ليظهر لهما عورتهما، { وَقَالَ } إبليس لهما: إني خلقت قبلكما، وإني أعلم منكما، فأطيعانى ترشدا، وقال لهما: { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } [آية: 20]، يقول: إن لم تكونا ملكين، كنتما من الخالدين لا تموتان.

{ وَقَاسَمَهُمَآ } ، يعني حلف بالله لهما، { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } [آية: 21] إنها شجرة الخلد، من أكل منها لم يمت، فكان إبليس أول من يحلف بالله كاذباً.

{ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ } ، يعني زين لهما الباطل، لقوله: { تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } ، وحلف على قوله، فغرهما بهذه اليمين، { فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } ، يعني ظهرت لهما عوراتهما، { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا } ، يقول: أخذا يغطيان عوراتهما { مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } ، يعني ورق التين الذي في الجنة، { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ } ، يقول: وقال لهما ربهما يوحى إليهما: { أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ } ، يعني آدم وحواء: { إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ } ، يعني إبليس { لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } [آية: 22].

{ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا } ذنوبنا { وَتَرْحَمْنَا } وتتجاوز عنا، { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [آية: 23] في العقوبة، فتاب آدم، عليه السلام، يوم عاشوراء يوم الجمعة، فتاب الله عليه.

وأوحى إليهما: { قَالَ ٱهْبِطُواْ } من الجنة، آدم، وحواء، وإبليس، والحية، { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } ، يقول: إبليس لهما عدو، وهما إبليس عدو، { وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } [آية: 24]، يعني إلى منتهى آجالكم، وإبليس في النفخة الأولى

{ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ } ، يعني في الأرض، { وَفِيهَا تَمُوتُونَ } عند منتهى آجالكم، { وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } [آية: 25] يوم القيامة.