الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِي ۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } * { سَآءَ مَثَلاً ٱلْقَوْمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ }

{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ } ، يعني أهل مكة { نَبَأَ } ، يعني حديث { ٱلَّذِيۤ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا } ، يعني أعطيناه الاسم الأعظم، يعني بلعام بن باعورا بن ماث بن حراز بن آزر، من أهل عمان، وهي البلقاء التي كان فيها الجبارون بالشام، فإنما سميت البلقاء من أجل أن ملكها رجل اسمه بالق، وذلك أن الملك، واسمه بانوس بن ستشروث، قال لبلعام: ادع على موسى، فقال بلعام: إنه من أهل دين لا ينبغي أن يدعي عليه، فأمر الملك أن تنحت خشبة ليصلبه عليها، فلما رأى ذلك، خرج على أتان له، ليدعو على موسى، عليه السلام، فلما عاين عسكره، قامت به الأتان فضربها، فقالت الأتان: لم تضربنى وهذه نار تتوقد قد منعتنى أن أمشى، فارجع، فرجع، فأخبر الملك، فقال له الملك: إما أن تدعو، وإما أن أصلبك، فدعا على موسى، عليه السلام، باسم الله الأعظم ألا يدخل المدينة، فاستجاب الله له، فبلغ موسى، عليه السلام، فدعا الله أن ينزع ذلك الاسم منه، فنزع منه الاسم الأعظم، فذلك قوله: { فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } ، فنزعها الله منه، يعني الآيات، { فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } [آية: 175]، يعني من الضالين.

{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ } في الآخرة { بِهَا } بما علمناه من آياتنا، يعني الاسم الأعظم في الدنيا، { وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } ، يعني رضي الدنيا، وركن إليها، { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } ، أي هوى الملك مع هواه، { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ } بنفسك ودابتك تطرده، { يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ } ، فلا تحمل عليه شيء { يَلْهَث } إذا أصابه الحر، فهذا مثل الكافر إن وعظته، فهو ضال، وإن تركته فهو ضال، مثل بلعام والكفار، يعني كفار مكة، { ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } ، يعني القرآن، { فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ } ، يعني القرآن عليهم { لَعَلَّهُمْ } ، يعني لكي { يَتَفَكَّرُونَ } [آية: 176] في أمثال الله فيعتبروا فيؤمنوا.

ثم قال: { سَآءَ } ، يعني بئس { مَثَلاً ٱلْقَوْمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } ، يعني القرآن، يعني كفارة مكة، { وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ } [آية: 177]، يعني أنفسهم ضروا بتكذيبهم القرآن.