{ وَإِذَا رَأَيْتَ } ، يعنى سمعت يا محمد، { ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا } ، يعنى يستهزءون بالقرآن، وقالوا ما لا يصح، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } ، يعنى فقم عنهم لا تجالسهم حتى يكون حديثهم فى غير أمر الله وذكره، { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَانُ } ، يقول: فإن أنساك الشيطان فجالستهم بعد النهى، { فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ } ، يقول: إذا ذكرت فلا تقعد، { مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 68]، يعنى المشركين.
فقال المؤمنين عند ذلك: لو قمنا عنهم إذا خاضوا واستهزءوا، فإنا نخشى الإثم فى مجالستهم، يعنى حين لا نغير عليهم، فأنزل الله: { وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ } ، يعنى يوحدون الرب، { مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ } ، يعنى من مجازاة عقوبة خوضهم واستهزائهم من شىء، ثم قال: { وَلَـٰكِن ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [آية: 69] إذا قمتم عنهم منعهم من الخوض والاستهزاء الحياء منكم والرغبة في مجالستكم، فيذكرون قيامكم عنهم، ويتركون الخوض والاستهزاء، ثم نسختها الآية التى فى النساء:{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ... } [النساء: 140] الآية.
{ وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ } الإسلام { لَعِباً } ، يعنى باطلاً، { وَلَهْواً } ، يعنى لهواً عنه، { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } ، عن دينهم الإسلام، { وَذَكِّرْ بِهِ } ، يعنى وعظ بالقرآن، { أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ } ، يعنى لئلا تبسل نفس، { بِمَا كَسَبَتْ } ، يعنى بما عملت من الشرك والتكذيب، فترتهن بعملها فى النار، { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ } ، يعنى قريباً ينفعهم، { وَلاَ شَفِيعٌ } فى الآخرة يشفع لهم، { وَإِن تَعْدِلْ } ، يعنى فتفتدى هذه النفس المرتهنة، بعملها، { كُلَّ عَدْلٍ } ، فتعطى كل فداء ملء الأرض ذهباً، { لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ } ، يعنى لا يقبل منها، { أُوْلَـٰئِكَ } يعنيهم، { ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ } ، يعنى حبسوا فى النار، { بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ } ، يعنى النار التى قد انتهى حرها، { وَعَذَابٌ أَلِيمٌ } ، يعنى وجيع، { بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } [آية: 70].