الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ } * { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } * { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } * { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }

{ قُلْ } يا محمد لكفار مكة: { مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } ، يعنى الظلل والظلمة والموج، { تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً } ، يعنى مستكينين، { وَخُفْيَةً } ، يعنى فى خفض وسكون، { لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ } الأهوال، { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } [آية: 63] لله فى هذه النعم، فيوحدوه، { قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ } ، يعنى من أهوال كل كرب، يعنى من كل شدة، { ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ } [آية: 64] فى الرخاء.

{ قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ } ، يعنى الحصب بالحجارة كما فعل بقوم لوط، فلا يبقى منكم أحد، { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } ، يعنى الخسف كما فعل بقارون ومن معه، ثم قال: { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } ، يعنى فرقاً أحزاباً أهواء مختلفة كفعله بالأمم الخالية، { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } ، يقول: يقتل بعضكم بعضاً، فلا يبقى منكم أحد إلا قليل، " فقال النبى صلى الله عليه وسلم وهو يجر رداءه، وذلك بالليل، وهو يقول: " لئن أرسل الله على أمتى عذاباً من فوقهم ليهلكنهم، أو من تحت أرجلهم، فلا يبقى منهم أحد " ، فقام صلى الله عليه وسلم فصلى ودعا ربه أن يكشف ذلك عنهم، فأعطاه الله ا ثنتين الحصب والخسف، كشفهما عن أمته، ومنعه اثنتين الفرقة والقتل، فقال: " أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ بمعافاتك من غضبك، وأعوذ بك منك، جل وجهك، لا أبلغ مدحتك والثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ".

قال: فجاءه جبريل، عليه السلام، فقال: إن الله قد استجاب لك وكشف عن أمتك اثنتين ومنعوا اثنتين، { ٱنْظُرْ } يا محمد { كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } ، يعنى العلامات فى أمور شتى من ألوان العذاب، { لَعَلَّهُمْ } ، يقول: لكى، { يَفْقَهُونَ } [آية: 65] عن الله فيخافوه ويوحدوه، { وَكَذَّبَ بِهِ } بالقرآن { قَوْمُكَ } خاصة، { وَهُوَ ٱلْحَقُّ } جاء من الله، { قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } [آية: 66]، يقول بمسيطر، نسختها آية السيف، { لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ } ، يقول: لكل حديث حقيقة ومنتهى، يعنى العذاب منه فى الدنيا، وهو القتل ببدر، ومنه فى الآخرة نار جهنم، وذلك قوله: { وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } [آية: 67]، أوعدهم العذاب، مثلها فى اقتربت.