الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ } * { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

قال أبو طالب للنبى صلى الله عليه وسلم: لو طردت هؤلاء عنك، لعل سراة قومك يتبعونك، فأنزل الله: { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } ، يعنى الصلاة له، { بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } طرفى النهار، { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } ، يعنى يبتغون بصلاتهم وجه ربهم، { مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 52]، قال: وكانت الصلاة يومئذ ركعتين بالغداة وركعتين بالعشى، ثم فرضت الصلوات الخمس بعد ذلك.

{ وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } ، يقول: هكذا ابتلينا فقراء المسلمين من العرب والموالى بالعرب من المشركين: أبى جهل، والوليد، وعتبة، وأمية، وسهل بن عمرو، ونحوهم، { لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } ، يعنى أنعم الله عليهم بالإسلام، { مِّن بَيْنِنَآ } ، يقول الله: { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّاكِرِينَ } [آية: 53]، يعنى بالموحدين منكم من غيره، وفيهم نزلت فى الفرقان:وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً... } [الفرقان: 20]، إلى آخر الآية.

ثم قال يعنيهم: { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا } ، يعنى يصدقون بالقرآن أنه من الله، { فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } ، يقول: مغفرة الله عليكم، " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رآهم بدأهم بالسلام، وقال: " الحمد لله الذى جعل فى أمتى من أمرت أن أصبر معهم وأسلم عليهم " ، وقال: { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ } ، نزلت فى عمر بن الخطاب، تاب من بعد السوء، يعنى الشرك، { وَأَصْلَحَ } العمل، { فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [آية: 54].

{ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } ، يعنى نبين الآيات، يعنى هكذا نبين أمر الدين، { وَلِتَسْتَبِينَ } ، يعنى وليتبين لكم { سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ } [آية: 55]، يعنى طريق الكافرين من المؤمنين حتى يعرفهم، يعنى هؤلاء النفر أبا جهل وأصحابه.