الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاۤ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } * { وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } ، يعنى بالقرآن، يعنى كفار مكة، { يَمَسُّهُمُ } ، يعنى يصيبهم { ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } [آية: 49]، يعنى يعصون، فلما خوفهم النبى صلى الله عليه وسلم بالعذاب، سألوه العذاب استهزاء وتكذيباً: إلى متى يكون هذا العذاب الذى تعدنا به إن كنت من الصادقين؟ فقال الله للنبى صلى الله عليه وسلم: { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ } ، يعنى مفاتيح الله بنزول العذاب، { وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } ، يعنى غيب نزول العذاب متى ينزل بكم، { وَلاۤ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ }؛ لقولهم فى حم السجدة:لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } [فصلت: 14] رسلاً فتؤمن بهم، فأما أنت يا محمد، فلا نصدقك فيما تقول، { إِنْ أَتَّبِعُ } ، يقول: ما أتبع، { إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ } من القرآن، { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ } بالهدى فلا يبصره، وهو الكافر، { وَٱلْبَصِيرُ } بالهدى، وهو المؤمن، { أَفَلاَ } ، يعنى فهلا { تَتَفَكَّرُونَ } [آية: 50] فتعلمون أنهما لا يستويان.

ثم قال: { وَأَنذِرْ بِهِ } ، يعنى بالقرآن، { ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ } ، يعنى يعلمون، { أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } ، يعنى الموالى وفقراء العرب، ويعلمون أنه { لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ } ، يعنى من دون الله { وَلِيٌّ } ، يعنى قريب ينفعهم، { وَلاَ شَفِيعٌ } فى الآخرة يشفع لهم إن عصوا الله، { لَّعَلَّهُمْ } ، يعنى لكى { يَتَّقُونَ } [آية: 51] المعاصى، نزلت فى الموالى عمارة، وأبى ذر الغفارى، وسالم، ومهجع، والنمر بن قاسط، وعامر بن فهيرة، وابن مسعود، وأبى هريرة، ونحوهم، وذلك أن أبا جهل وأصحابه، قالوا: انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمداً من موالينا وأعرابنا رذالة كل حى وسفلتهم، يعنون الموالى، ولو كان لا يقبل إلا سادات الحى وسراة الموالى تابعناه، وذكروا ذلك لأبى طالب، فقالوا: قل لابن أخيك أن يطرد هؤلاء الغرباء والسفلة، حتى يجيبه سادات قومه وأشرافهم.