قوله: { قُلْ يَاقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } ، يعنى جديلتكم، يعنى كفار مكة، { إِنَّي عَامِلٌ } ، على جديلتى التى أمرنى بها ربى، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ } ، يعنى الجنة، أنحن أم أنتم، ثم قال للنبى صلى الله عليه وسلم: { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ } ، يعنى لا يسعد { ٱلظَّالِمُونَ } [آية: 135] فى الآخرة، يعنى المشركين، نظيرها فى القصص.
{ وَجَعَلُواْ للَّهِ } ، يعنى وصفوا لله { مِمَّا ذَرَأَ } ، يعنى مما خلق، { مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا } ، يعنى النصيب لآلهتهم مثل ذلك، فما أخرج الله من بطون الأنعام وظهورها من الحرث، قالوا: هذا لله، فيتصدقون به على المساكين، وما أخرج الله من نصيب الآلهة أنفقوه عليها، فإن زكا نصيب الآلهة ولم يزك نصيب الله تركوه للآلهة، وقالوا: لو شاء الله لأزكى نصيبه، وإن زكا نصيب الله ولم يزك نصيب الآلهة، خدجت أنعامهم وأجدبت أرضهم، وقالوا: ليس لآلهتنا بد من نفقة، فأخذوا نصيب الله فقسموه بين المساكين والآلهة نصفين، فذلك قوله: { فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ } ، يعنى لآلهتهم مما خرج من الحرث والأنعام، { فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ } ، يعنى إلى المساكين، { وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ } ، يعنى آلهتهم، يقول الله: { سَآءَ } ، يعني بئس { مَا يَحْكُمُونَ } [آية: 136]، يقول: لو كان معى شريك كما يقولون، ما عدلوا فى القسمة أن يأخذوا منى ولا يعطونى.
ثم انقطع الكلام، فقال: { وَكَذٰلِكَ } ، يعنى وهكذا، { زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ } ، كما زينوا لهم تحريم الحرث والأنعام، يعنى دفن البنات وهن أحياء، { لِيُرْدُوهُمْ } ، يعنى ليهلكوهم، { وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ } ، يعنى وليخلطوا عليهم، { دِينَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ } ، يقول: لو شاء الله لمنعهم من ذلك، { فَذَرْهُمْ } ، يعنى فخل عنهم، { وَمَا يَفْتَرُونَ } [آية: 137] من الكذب، لقولهم فى الأعراف:{ وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [الأعراف: 28].
{ وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } ، يعنى حرام، { لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ } ، يعنى الرجال دون النساء، وكانت مشيئتهم أنهم جعلوا اللحوم والألبان للرجال دون النساء، { وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } ، يعنى الحام، { وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } ، يعنى البحيرة أن نتجوها أو نحروها لم يذكروا اسم الله عليها، { ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ } ، على الله، يعنى كذباً على الله، { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [آية: 138] حين زعموا أن الله أمرهم بتحريمه، حين قالوا فى الأعراف:{ وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [الأعراف: 28].
ثم أخبر عنهم، فقال: { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا } ، يعنى من الولد والألبان، { وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا } ، يعنى البحيرة، والسائبة، والوصيلة، فكانوا إذا أنتجوه حياً ذبحوه فأكله الرجال دون النساء، وكذلك الألبان، وإن وضعته ميتاً اشترك فى أكله الرجال والنساء، فذلك قوله: { وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ سَيَجْزِيهِمْ } الله العذاب فى الآخرة، { وَصْفَهُمْ } ، ذلك بالتحليل والتحريم، أى جزاءه، { إِنَّهُ حِكِيمٌ } حكم عليهم العذاب، { عَلِيمٌ } [آية: 139] به.