الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }

قوله: { وَكَذٰلِكَ } ، يعنى وهكذا، { نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضاً } ، فولى الله ظلمة الإنس ظلمة الجن، وولى ظلمة الجن ظلمة الإنس بأعمالهم الخبيثة، فذلك قوله: { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [آية: 129]، يعنى يعملون من الشرك.

ثم قال لهم عند ذلك: { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } ، يعنى كفار الجن وكفار الإنس، ولا يعني به الشياطين، لأن الشياطين هم أغروا كفار الجن وكفار الإنس، وبعث الله رسولاً من الجن إلى الجن، ومن الإنس إلى الإنس يقصون، فذلك قوله: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ } ، يعنى من أنفسكم الجن إلى الجن، والإنس إلى الإنس، { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي } ، يعنى آيات القرآن، { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } ، يعنى يوم القيامة، { قَالُواْ } ، يعنى قالت الإنس والجن: { شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا } بذلك أنا كفرنا بما قالت الرسل فى الدنيا، قال الله للنبى صلى الله عليه وسلم: { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } عن دينهم الإسلام، ويقول الله للنبى صلى الله عليه وسلم: { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } فى الآخرة { أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } [آية: 130] فى الدنيا، وذلك حين شهدت عليهم الجوارح بالشرك والكفر فى الدنيا، ثم قال الخازن، فى التقديم: فـ { ٱلنَّارُ مَثْوَاكُمْ } ، يعنى مأواكم، { خَالِدِينَ فِيهَآ } لا يموتون، ثم استثنى، فقال: { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ } ، حكم عليهم حقاً بذلك الهلاك، كفعله بالأمم الخالية فى سورة أخرى.