{ فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } [آية: 118]، يعنى بالقرآن مصدقين، وذلك أن كفار مكة حين سمعوا أن الله حرم الميتة، قالوا للمسلمين: أتزعمون أنكم تتبعون مرضاة ربكم؟ ألا تحدثونا عما قتلتم أنتم بأيديكم أهو أفضل؟ أو ما قتل الله؟ فقال المسلمون: بل الله أفضل صنعاً، فقالوا لهم: فما لكم تأكلون مما ذبحتم بأيديكم، وما ذبح الله فلا تأكلونه، وهو عندكم ميتة؟ فأنزل الله: { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } ، يعنى وقد بين لكم ما حرم عليكم، يعنى الميتة، والدم، ولحم الخنزير، ثم استثنى، فقال: { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } مما نهيتم عن أكله، { وَإِنَّ كَثِيراً } من الناس، يعنى سادة قريش، { لَّيُضِلُّونَ } أهل مكة، { بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ } يعلمونه فى أمر الذبائح، { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ } [آية: 119].
{ وَذَرُواْ ظَاهِرَ ٱلإِثْمِ } ، يعنى واتركوا ظاهر الإثم، { وَبَاطِنَهُ } ، يعنى الزنا فى السر والعلانية، وذلك أن قريشاَ كانوا ينكرون الزنا فى العلانية، ولا يرون به بأساً سراً، { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ } ، يعنى الشرك، { سَيُجْزَوْنَ } فى الآخرة { بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ } [آية: 120]، يعنى يكسبون.
وأنزل الله فى قولهم: ما قتل الله فلا تأكلوه: { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } ، يعنى إن أكل الميتة لمعصية، { وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ } من المشركين، { لِيُجَادِلُوكُمْ } فى أمر الذبائح، { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ } باستحلالكم الميتة، { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [آية: 121] مثلهم، وفيهم نزلت:{ لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ } [الحج: 67]، يعنى أمر الذبائح.