الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } * { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } * { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ } * { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } * { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } * { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } * { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { وَحُورٌ عِينٌ } * { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ }

ثم قال عز وجل: { وَكُنتُمْ } في الآخرة { أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } [آية: 7] يعني أصنافاً ثلاثة، صنفان في الجنة، وصنف في النار، ثم أخبر عنهم، فقال: { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } [آية: 8] يقول: ما لأصحاب اليمين من الخير والكرامة في الجنة { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } [آية: 9] يقول: ما لأصحاب المشأمة من الشر في جهنم، ثم قال: { وَٱلسَّابِقُونَ } إلى الأنبياء منهم أبو بكر، وعلى، رضى الله عنهما، هم { ٱلسَّابِقُونَ } [آية: 10] إلى الإيمان بالله ورسوله من كل أمة، هم السابقون إلى الجنة.

ثم أخبر عنهم، فقال: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } [آية: 11] عند الله تعالى في الدرجات والفضائل { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [آية: 12]، ثم قال يعني السابقين { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } [آية: 13] يعني جمعاً من الأولين، يعني سابق الأمم الخالية، وهم الذين عاينوا الأنبياء، عليهم السلام، فلم يشكوا فيهم طرفة عين، فهم السابقون، فلما نزلت: { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } [آية: 14] يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهم أقل من سابق الأمم الخالية، ثم ذكر ما أعد الله للسابقين من الخير في جنات النعيم، فقال: { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } [آية: 15] كوضن الخرز في السلك، يعني بالموضون السرر وتشبكها مشبكة أوساطها بقضبان الدر والياقوت والزبرجد { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا } يعني على السرر عليها الفرش { مُتَقَابِلِينَ } [آية: 16] إذا زار بعضهم بعضاً { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ } يعني غلمان لا يكبرون { مُّخَلَّدُونَ } [آية: 17] لا يموتون { بِـ } أيدي الغلمان { بِأَكْوَابٍ } يعني الأكواب العظام من فضة المدورة الرءوس ليس لها عرى ولا خراطيم { وَأَبَارِيقَ } من فضة في صفاء القوارير. فذلك قوله فيهَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ } [الإنسان: 1]كَانَتْ قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ } [الإنسان: 15، 16].

ثم قال: { وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } [آية: 18] يعني من خمر جار، وكل معين في القرآن، فهو جار غير الذي فيتَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } [الملك: 1] يعني به زمزم،إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ } [الملك: 30] يعني ظاهراً تناله الدلاء، وكل شىء في القرآن كأس، فهو الخمر { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } فتوجع رءوسهم { وَلاَ يُنزِفُونَ } [آية: 19] بها { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } [آية: 20] يعني يختارون من ألوان الفاكهة { وَلَحْمِ طَيْرٍ } يعني من لحم الطير { مِّمَّا يَشْتَهُونَ } [آية: 21] إن شاءوا شواء، وإن شاءوا قديداً كل طير ينعت نفسه لولى الله تعالى { وَحُورٌ عِينٌ } [آية: 22] يعني البيضاء العيناء حسان الأعين { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } [آية: 23] فشبههم في الكن كأمثال اللؤلؤ المكنون في الصدف المطبق عليه، لم تمسه الأيدي، ولم تره الأعين، ولم يخطر على قلب بشر، كأحسن ما يكون.