الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ }

{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ } من الصيد، وذلك أن زيد الخير، وهو من بنى المهلهل، وعدى بن حاتم الطائيان، سألا النبى صلى الله عليه وسلم، فقالا: يا رسول الله، كلاب آل درع وآل حورية يصدن الظباء والبقر والحمر، فمنها ما تدرك ذكاته فيموت، وقد حرم الله عز وجل الميتة، فماذ يحل لنا؟ فنزلت: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ } من الصيد { قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } ، يعنى الحلال، وذبح ما أحل الله لهم من الصيد مما أدركت ذكاته.

ثم قال: { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } ، يعنى الكلاب معلمين للصيد، { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ } ، يقول: تؤدبوهن كما أدبكم الله، فيعرفون الخير والشر، وكذا الكاتم أيضاً، فأدبوا كلابكم فى أمر الصيد، { فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } ، يقول: فكلوا مما أمسكن، يعنى حبس عليكم الكلاب المعلمة، { وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } إذا أرسلتم بعد أن أمسك عليكم، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، فلا تستحلوا أكل الصيد من الميتة، إلا ما ذكى من صيد الكلب المعلم، ثم خوفهم، فقالك { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [آية: 4] لمن يستحل أكل الميتة من الصيد إلا من اضطر.

قوله: { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } ، يعنى الحلال، أى الذبائح من الصيد، { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } ، يعنى بالطعام ذبائح الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى، ذبائحهم ونساؤهم حلال للمسلمين، { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } ، يعنى ذبائح المسلمين وذبائح نسائهم حلال لليهود والنصارى، ثم قال عز وجل: { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَاتِ } ، يعنى وأحل لكم تزويج العفائف من المؤمنات، { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } ، يعنى وأحل تزويج العفائف من حرائر نساء اليهود والنصارى، نكاحهن حلال للمسلمين، { إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } ، يعنى إذا أعطيتموهن مهورهن، { مُحْصِنِينَ } لفروجهن من الزنا، { غَيْرَ مُسَافِحِينَ } ، يعنى غير معلنات بالزنا علانية، { وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ } ، يعنى لا تتخذ الخليل فى السر فيأتيها، فلما أحل الله عز وجل نساء أهل الكتاب، قال المسلمون: كيف تتزوجهوهن وهن على غير ديننا، وقالت نساء أهل الكتاب: ما أحل الله تزويجنا للمسلمين إلا وقد رضى أعمالنا، فأنزل الله عز وجل: { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَانِ } ، يعنى من نساء أهل الكتاب بتوحيد الله، { فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [آية: 5]، يعنى من الكافرين.