الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ } * { فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَٱسْمَعُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

{ يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } ، نزلت فى بديل بن أبى مارية مولى العاص ابن وائل السهمى، كان خرج مسافراً فى البحر إلى أرض النجاشى ومعه رجلان نصرانيان، أحدهما يسمى تميم بن أوس الدارى، وكان من لخم، وعدى بن بندا، فمات بديل وهم فى البحر، فرمى به فى البحر، قال: { حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ } ، وذلك أنه كتب وصيته، ثم جعلها فى متاعه، ثم دفعه إلى تميم وصاحبه، وقال لهما: أبلغا هذا المتاع إلى أهلى، فجاءا ببعض المتاع وحبسا جاماً من فضة مموهاً بالذهب، فنزلت: { يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ } ، يقول: عند الوصية يشهدون وصيته.

{ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ } من المسلمين فى دينهما، { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } ، يعنى من غير أهل دينكم النصرانيين، تميم الدارى وعدى بن بندا، { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } يا معشر المسلمين للتجارة، { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ } ، يعنى بديل بن أبى مارية حين انطلق تاجراً فى البحر، وانطلق معه تميم وعدى صاحباه، فحضره الموت، فكتب وصيته، ثم جعلها فى المتاع، فقال: أبلغا هذا المتاع إلى أهلى، فلما مات بديل، قبضا المتاع، فأخاذا منه ما أعجبهما، وكان فيما أخذا إناء من فضة فيه ثلاثمائة مثقال منقوش مموه بالذهب، فلما رجعا من تجارتهما دفعا بقية المال إلى ورثته، ففقدوا بعض متاعه، فنظروا إلى الوصية، فوجدوا المال فيه تاماً لم يبع منه، ولم يهب، فكلموا وتميماً وصاحبه، فسألوهما: هل باع صاحبنا شيئاً أو اشترى شيئاً فخسر فيه، أو طال مرضه فأنفق على نفسه؟ فقال: لا، قالوا: فإنا قد فقدنا بعض ما أبدى به صاحبنا، فقالا: ما لنا بما أبدى، ولا بما كان فى وصيته علم، ولكنه دفع إلينا هذا المال، فبلغناكم إياه.

فرفعوا أمرهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فنزلت: { يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } ، يعنى بديلب بن أبى مارية، { ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ } ، يعنى من المسلمين، عبدالله بن عمرو بن العاص، والمطلب بن أبى وداعة السهميان، { وْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } من غير أهل دينكم، يعنى النصرانيين، { إِنْ أَنتُمْ } معشر المسلمين { ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } تجاراً { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ } ، يعنى بديل بن أبى مارية مولى العاص بن وائل السهمى، { تَحْبِسُونَهُمَا } ، يعنى النصرانيين تقيمونهما، { مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ } صلاة العصر، { فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ } ، فيحلفان بالله، { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } ، يعنى إن شككتم، نظيرها فى النساء القصرى، أن المال كان أكثر من هذا الذى أتيناكم به، { لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً } ، يقول: لا نشترى بأيماننا عرضاً من الدنيا، { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } ، يقول: ولو كان الميت ذا قرابة منا، { وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً } إن كتمنا شيئاً من المال، { لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ } [آية: 106] بالله عز وجل.

السابقالتالي
2