الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ } * { طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } * { كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } * { كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } * { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } * { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } * { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ }

خوفهم، فقال: { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ } ، يعنى يوم القضاء، { مِيقَاتُهُمْ } ، يعنى ميعادهم، { أَجْمَعِينَ } [آية: 40].

{ يَوْمَ } ، يعنى يوم القيامة، يقول: يوافى يوم القيامة الأولون والآخرون، وهم يوم الجمعة، هذه الأمة وسواهم من الأمم الخالية، ثم نعت الله تعالى ذلك اليوم، فقال: { يَوْمَ } { لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً } ، وهم الكفار، يقول: يوم لا يغنى ولى عن وليه، يقول: لا يقدر قريب لقرابته الكافر شيئاً من المنفعة، { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [آية: 41]، يقول ولا هم يمعنون من العذاب.

ثم استثنى المؤمنين، فقال: { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ } من المؤمنين، فإنه يشفع لهم، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ } فى نقمته من أعدائه الذين لا شفاعة لهم، { ٱلرَّحِيمُ } [آية: 42] بالمؤمنين الذين استثنى فى هذه الآية.

قوله: { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ } [آية: 43]، { طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } [آية: 44]، يعني الآثم بربه، فهو أبو جهل بن هشام،وفى قراءة ابن مسعود: طعام الفاجر.

{ كَٱلْمُهْلِ } ، يعنى الزقوم أسود غليظ كدردى الزيت، { يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } [آية: 45].

{ كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } [آية: 46]، يعنى الماء الحار بلسان بربر وأفريقية، الزقوم يعنون التمر والزبد، زعم ذلك عبدالله بن الزبعرى السهمى، وذلك أن أبا جهل قال لهم: إن محمداً يزعم أن النار تنبت الشجر، وإنما النار تأكل الشجر، فما الزقوم عندكم؟ فقال عبد الله بن الزبعرى: التمر والزبد، فقال أبو جهل بن هشام: يا جارية، ابغنا تمراً وزبداً، فقال: تزقموا.

يقول الله عز وجل للخزنة: { خُذُوهُ } ، يعنى أبا جهل، { فَٱعْتِلُوهُ } ، يقول: فادفعوه على وجهه، { إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } [آية: 47]، يعنى وسط الجحيم، وهو الباب السادس من النار.

ثم قال: { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } [آية: 48]، أبى جهل، وذلك أن الملك من خزان جهنم يضربه على رأسه بمقمعة من حديد، فينقب عن دماغه، فيجرى دماغه على جسده، ثم يصب الملك فى النقب ماء حميماً قد انتهى حره، فيقع فى بطنه.

ثم يقول له الملك: { ذُقْ } العذاب أيها المتعزز المتكرم، يوبخه ويصغره بذلك، فيقول: { إِنَّكَ } زعمت فى الدنيا، { أَنتَ ٱلْعَزِيزُ } ، يعنى المنيع، { ٱلْكَرِيمُ } [آية: 49] يعنى المتكرم.

قال: فكان أبو جهل يقول فى الدنيا: أنا أعز قريش وأكرمها، فلما ذاق شدة العذاب فى الآخرة، قال له الملك: { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } [آية: 50]، يعنى تشكون فى الدنيا أنه غير كائن، فهذا مستقر الكفار.