الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ }

رجع في التقديم إلى عيسى، فقال: { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ } ، يقول: نزوله من السماء علامة للساعة، ينزل على ثنيه أفيق، وهو جبل ببيت المقدس، يقال له: أفيق: عليه ممصرتان، دهين الرأس، معه حربة، يقتل بها الدجال، يقول: نزول عيسى من السماء علامة للساعة، { فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا } ، يقول: لا تشكوا في الساعة، ولا في القيامة أنها كائنة، قوله: { وَٱتَّبِعُونِ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [آية: 61].

ثم قال: { وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ } عن الهدى، { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [آية: 62]، يعني بين.

{ وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ } ، يعني بنى إسرائيل، { بِٱلْبَيِّنَاتِ } ، يعني الإنجيل، { قَالَ } لهم: { قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } ، يعني الإنجيل، فيه بيان الحلال والحرام، { وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } ، من الحلال والحرام، فبين لهم ما كان حرم عليهم من الشحوم، واللحوم، وكل ذي ظفر، فأخبرهم أنه لهم حلال في الإنجيل، غير أنهم يقيمون على السبت، { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ولا تعبدوا غيره، { وَأَطِيعُونِ } [آية: 63] فيما آمركم به من النصيحة، فإنه ليس له شريك.

{ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } ، يعني وحدوه، { هَـٰذَا } ، يعني هذا التوحيد، { صِرَاطٌ } ، يعني دين، { مُّسْتَقِيمٌ } [آية: 64].

{ فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ } ، في الدين، والأحزاب هم: النسطورية، والماريعقوبية، والملكانية، تحازبوا من بينهم في عيسى، عليه السلام، فقالت النسطورية: عيسى ابن الله، وقالت اليعقوبية: إن الله هو المسيح ابن مريم، وقالت الملكانية: إن الله ثالث ثلاثة، { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، يعني النصارى الذين قالوا في عيسى ما قالوا، { مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } [آية: 65]، يعني يوم القيامة، وإنما سماه أليماً لشدته.

ثم رجع إلى كفار قريش، فقال: { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ } ، يعني يوم القيامة، { أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } ، فجأة، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [آية: 66] بجيئتها.

ثم قال: { ٱلأَخِلاَّءُ } في الدنيا، { يَوْمَئِذٍ } في الآخرة، { بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [آية: 67] يعني الموحدين، " نزلت في أمية بن خلف الجمحي، وعقبة بن أبي معيط، قتلا جميعاً، وذلك أن عقبة كان يجالس النبي صلى الله عليه وسلم ويستمع إلى حديثه، فقالت قريش: قد سبأ عقبة وفارقنا، فقال له أمية بن خلف: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمداً فلم تتفل في وجهه، حتى يعلم قومك أنك غير مفارقهم، ففعل عقبة ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أما أنا لله على لئن أخذتك خارجاً من الحرم لأهريقن دمك " ، فقال له: يا ابن أبي كبشة، ومن أين تقدر عليَّ خارجاً من الحرم، فتكون لك منى السوء، فلما كان يوم بدر أسر، فلما عاينه النبي صلى الله عليه وسلم ذكر نذره، فأمر علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فضرب عنقه، فقال عقبة: يا معشر قريش، ما بالي أقتل من بينكم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بتكذيبك الله ورسوله " ، فقال: من لأولادي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لهم النار " ".