الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } * { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } * { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } * { وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } * { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ }

يقول الله تعالى: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } ، يقول: أبأيديهم مفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاءوا، ولكنها بيدى أختار من أشاء من عبادي للرسالة، ثم قال: { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، يقول: لم نعط الوليد وأبا مسعود الذي أعطيناهما من الغنى لكرامتها على الله، ولكنه قسم من الله بينهم، ثم قال: { وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } ، يعني فضائل في الغنى، { لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم } ، يعني الأحرار، { بَعْضاً } ، يعني الخدم، { سُخْرِيّاً } ، يعني العبيد والخدم سخره الله لهم، { وَرَحْمَةُ رَبِّكَ } ، يعني الجنة، { خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [آية: 32]، يعني الأموال، يعني الكفار.

ثم ذكرهم هوان الدنيا عليه، فقال: { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا } ، يعني ملة واحدة، يعني على الكفر، يقول: لولا أن ترغب الناس في الكفر، وإذا رأوا الكفار في سعة من الخير والرزق، { لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } ، لهوان الدنيا عليه، { لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ } ، يعني بالسقف سماء البيت، { وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } [آية: 33]، يقول: درجاً على ظهور بيوتهم يرتقون.

{ وَ } لجعلنا { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً } من فضة، { وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } [آية: 34]، يعني ينامون.

{ وَزُخْرُفاً } ، يقول: وجعلنا كل شيء لهم من ذهب، { وَإِن كُلُّ ذَلِكَ } ، يقول: وما كل الذي ذكر، { لَمَّا } إلا { مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } يتمتعون فيها قليلاً، { وَٱلآخِرَةُ } ، يعني دار الجنة، { عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } [آية: 35] خاصة لهم.

قوله: { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ } ، يقول: ومن يعم بصره عن ذكر { ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [آية: 36] في الدنيا، يقول: صاحب يزين لهم الغي.

{ وَإِنَّهُمْ } ، وإن الشياطين، { لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } ، يعني سبيل الهدى، { وَيَحْسَبُونَ } ، ويحسب بنو آدم، { أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } [آية: 37] يعني على هدى.

{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا } ابن آدم وقرينه في الآخرة جعلا في سلسلة واحدة، { قَالَ } ابن آدم لقرينه، يعني شيطانه: { يٰلَيْتَ } ، يتمنى، { بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ } ، يعني ما بين مشرق الصيف إلى مشرق الشتاء، أطول يوم في السنة، وأقصر يوم في السنة، { فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } [آية: 38]، يقول: فبئس الصاحب معه في النار في سلسلة واحدة.