الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { عۤسۤقۤ } * { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ } * { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } * { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }

{ حـمۤ } [آية: 1]: { عۤسۤقۤ } [آية: 2] فى أمر العذاب يا محمد، فيها تقديم، إليك وإلى الأنبياء من قبلك.

فمن ثم قال: { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ } يا محمد، { وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } من الأنبياء أنه نازل بقومهم إذا كذبوا الرسل، ثم عظم نفسه فقال له: يا محمد، إنما ذلك بوحى { ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ } فى ملكه، { ٱلْحَكِيمُ } [آية: 3] فى أمره.

{ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ } ، يعني الرفيع فوق خلقه، { ٱلعَظِيمُ } [آية: 4]، فلا أكبر منه.

{ تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } ، يعنى يتشققن من عظمة الرب الذى هو فوقهن، ثم قال: { وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } ، يعنى يصلون بأمر ربهم، { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ } ، ثم بين فى حم المؤمن، أى الملائكة هم، فقال:ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ } [غافر: 7]، ثم بين لمن يستغفرون، فقال:وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } [غافر: 7]، يعنى المؤمنين، فصارت هذه الآية منسوخة، نسختها الآية التى فى حم المؤمن، ثم قال: { أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ } لذنوبهم، { ٱلرَّحِيمُ } [آية: 5] بهم.

قوله: { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } ، يعبدونها من دون الله، { ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } ، يعنى رقيب عليهم، { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم } يا محمد، { بِوَكِيلٍ } [آية: 6]، يعنى بمسيطر.

{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً } ليفقهوا ما فيه، { لِّتُنذِرَ } ، يعنى ولكى تنذر بالقرآن يا محمد { أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } ، وهى مكة، وإنما سميت أم القرى؛ لأن الأرض كلها دحيت من تحت الكعبة، قال: { وَ } لتنذر يا محمد بالقرآن { وَمَنْ حَوْلَهَا } ، يعنى حول مكة من القرى، يعنى قرى الأرض كلها، { وَ } لكى { وَتُنذِرَ } بالقرآن { يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } ، يعنى جمع أهل السموات، وجمع أهل الأرض، { لاَ رَيْبَ فِيهِ } ، يعنى لاشك فيه فى البعث أنه كائن، ثم بعد الجمع يتفرقون، { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [آية: 7]، يعنى الوقود، ثم لا يجتمعون أبداً.

قال: { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ } ، يعنى كفار مكة، { أُمَّةً وَاحِدَةً } ، يعنى على ملة الإسلام وحدها، { وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } ، يعنى فى دينه الإسلام، { وَٱلظَّالِمُونَ } ، يعنى مشركى مكة، { مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ } ، يعنى من قريب ينفعهم فى الآخرة، { وَلاَ نَصِيرٍ } [آية: 8]، يعنى ولا مانع يمنعهم من العذاب، عذاب النار.

قوله: { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ } من الملائكة { أَوْلِيَآءَ } ، يعنى آلهة، وهم خزاعة وغيرهم يعبدونها، { فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ } ، يعنى الرب، { وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } فى الآخرة، { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من البعث وغيره، { قَدِيرٌ } [آية: 9].

قوله: { وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ } ، وذلك أن أهل مكة كفر بعضهم بالقرآن، وآمن بعضهم، فقال الله تعالى: إن الذى اختلفتم فيه، فإنى أرد قضاءه إلىَّ، وأنا أحكم فيه، ثم دل على نفسه بصنعه، فقال: { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ } ، الذى يحيى الموتى، ويميت الأحياء هو أحياكم، وهو الله { رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } ، يعنى به أثق، { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [آية: 10]، يقول: إليه أرجع.