الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } * { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } * { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } * { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } * { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ }

قوله: { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ } ، يعنى ولو وسع الله الرزق، { لِعِبَادِهِ } ، فى ساعة واحدة، { لَبَغَوْاْ } ، يعنى لعصوا، { فِي ٱلأَرْضِ } ، فيها تقديم { وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ } [آية: 27] بهم.

{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ } ، يعنى المطر الذى حبس عنهم بمكة سبع سنين، { مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } ، يعنى من بعد الإياسة، { وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } ، يعنى نعمته ببسط المطر، { وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ } ، ولى المؤمنين، { ٱلْحَمِيدُ } [آية: 28] عند خلقه فى نزول الغيث عليهم.

{ وَمِنْ آيَاتِهِ } ، أن تعرفوا توحيد الرب وصنعه، وإن لم تروه، { خَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ } ، يعنى الملائكة فى السموات والخلائق فى الأرض، { وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } فى الآخرة، { إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } [آية: 29].

قوله: { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَة } ، يعنى المؤمنين من بلاء الدنيا وعقوبة من اختلاج عرق، أو خدش عود، أو نكبة حجر، أو عثرة قدم، فصاعداً إلا بذنب، فذلك قوله: { وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ } { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } من المعاصى، { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [آية: 30] يعنى ويتجاوز عن كثير من الذنوب، فلا يعاقب بها فى الدنيا.

حدثنا عبدالله، قال: حدثنى أبى، قال: " قال أبو صالح: بلغنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ما عفا الله عنه فهو أكثر " ، وقال: بلغنى أنه قال، يعنى النبى صلى الله عليه وسلم: " ما عفا الله عنه، فلم يعاقب به فى الآخرة " ، ثم تلا هذه الآية:مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ } [النساء: 123]، قال هاتان الآيتان فى الدنيا للمؤمنين.

قوله تعالى: { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } ، يعنى بسابقى الله هرباً، { فِي ٱلأَرْضِ } بأعمالكم الخبيثة حتى يجزيكم بها، { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ } ، يعنى قريب ينفعكم، { وَلاَ نَصِيرٍ } [آية: 31]، يقول: ولا مانع يمنعكم من الله جل وعز.

{ وَمِنْ آيَاتِهِ } ، أن تعرفوا توحيده بصنعه، وإن لم تروه، { ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } [آية: 32]، يعنى السفن تجرى فى البحر بالرياح كالأعلام، شبه السفن فى البحر كالجبال فى البر.

وقال: { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ } ، قائمات على ظهر الماء، فلا تجرى، { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الذى ترون، يعنى السفن إذا جرين وإذا ركدن، { لآيَاتٍ } ، يعنى لعبرة، { لِّكُلِّ صَبَّارٍ } ، يقول: كل صبور على أمر الله، { شَكُورٍ } [آية: 33] لله تعالى فى هذه النعمة.

ثم قال: { أَوْ يُوبِقْهُنَّ } ، يقول: وإن يشأ يهلكهن، يعنى السفن، { بِمَا كَسَبُوا } ، يعنى بما عملوا من الشرك، { وَيَعْفُ } ، يعنى يتجاوز، { عَن كَثِيرٍ } [آية: 34]، من الذنوب، فينجيهم من الغرق والهلكة.

قال: { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } [آية: 35]، قال: ويعنى من فرار.